على تفسير المدّ في الطغيان بالامهال ، وموضوع اللّغة كما ذكرت لا يطاوع عليه» فأجاب بأنّه : «استجرّهم إلى ذلك خوف الاقدام على أن يسندوا إلى الله ما أسند إلى الشياطين ، ولكنّ المعنى الصحيح ما طابقه اللّفظ ويشهد لصحّته ، وإلا كان منه بمنزلة الاروى من النعام. ومن حقّ مفسّر كلام الله الباهر وكلامه المعجز أن يتعاهد في مذاهبه بقاء النظم على حسنه والبلاغة على كمالها ، وما وقع به التحدّي سليما عن القادح ، فاذا لم يتعاهد أوضاع اللّغة ، فهو من تعاهد النظم والبلاغة على مراحل.»
وبالجملة فالظاهر عدم خروج شيء من المعنيين عن قانون اللّغة على ما عرفت ويؤيّده ظاهر الثاني منهما ما تقدّم عن تفسير الامام عليهالسلام وتفسير القميّ وإن أمكن تطبيقهما علي أخذه من المدد بتصرّف في معنى المدد ، ولعلّ المعنى الاوّل أقرب إلى ظاهر الآية.
والطغيان أصله : التجاوز عن الحدّ على ما قال الجوهري : «طغا يطغا ويطغو طغيانا أي : جاوز الحدّ ، وكلّ مجاوز حدّه في العصيان طاغ ، وطغي بالكسر يطغى مثله. وأطغاه المال أي : جعله طاغيا ، وطغى البحر : هاجت أمواجه.»
وفسّر الطغيان في الآية جماعة ب «الغلوّ في الكفر ، ومجاوزة الحدّ في العتوّ.» (١)
ولعلّ ما فسّره بعضهم به من الغيّ والكفر أولى منه ؛ إذ كلّ كفر وعتوّ طغيان وتجاوز عن الحدّ ، سواء غلى فيه وتجاوز عن الحدّ فيه أم لا. ولعلّهم لم يريدوا التقييد أيضا ، أو جعلوه منصرفا إلى الفرد الكامل ، وفيه تأمّل أيضا.
و «العمه» على ما في الصحاح «التحيّر والتردّد» ، وقال : «أرض عمهاء : لا أعلام بها. وذهبت ابله العمّهى إذا لم يدر أين ذهبت.»
__________________
(١) راجع نفس المصدر.