سبيل الخداع والنفاق شقوا بقدر المخالفة ، والائمة أغنياء عنهم.
وكما أنّه عليهالسلام سأل ربه في استحالة الجبال فضة وذهبا ومسكا وعنبرا وعبيرا وجواهر وغيرها ، ونادوها عليهالسلام بالتسليم والانقياد والتسخير ، كذلك لا يبعد أن جبال الانانية في الانسان لو وقع عليها نظرهم استحالت جواهر باقية ، وعطريات أبدية مذعنة له بالاطاعة والتسليم الكامل له ، وأنهم شيعة له ظاهرا وباطنا بمحضر هؤلاء المخادعين والمخالفين بواطنهم ظواهرهم وأقوالهم ، وهم إن لم يشاهدوا ذلك الانقلاب لكن ربما ظهر لهم آثار كراماتهم وأطوارهم الخارجة عن أطوار هؤلاء ، وسمعوا قصص خواص الشيعة والكرامات الصادرة عنهم حيا وميتا من أولاد الائمة عليهمالسلام وغيرهم ، كما نقل عن «سلمان» و «جابر الجعفي» و «الفضيل بن يسار» و «أبي حمزة الثمالي» و «ابن مهزيار» وغيرهم على ما هو مسطور في محالّه.
وكما أن جملة الاشجار والجمادات أمروا فصاروا جنودا له عليهالسلام مذعنين بالطاعة له ، كذلك وقع القلب على قلوب جماعة من الناس حتى صارو مخلصين في الموافقة للامام عليهالسلام ، ومطيعين له ظاهرا وباطنا ، ثابتين في ذلك ، طالبين للمجاهدة في خدمته ، فمنهم من تنبّه على أن مجاهدة النفس الامّارة خدمة له عليهالسلام فواظب على ذلك ومنهم من بقي منتظرا لزمان إظهار الحق في قلبه وباطنه وظاهره ؛ واعتقدوا أن الامام لو سأل الله سبحانه في أيّ شيء من إجراء العالم أجيب ، وأن هؤلاء المخادعين الذين لم يتحققوا بحقيقة الصدق في المواطن لا يضرّ الله والامام والمؤمنين شيئا ، وأن الدنيا يوشك أن ينقضي بهم كأنهم لم يكونوا للدنيا عمارا ، ولم تزل الآخرة لهم دارا ، وعلم هؤلاء أيضا أن الحق سبحانه أمهل هؤلاء مع ما في باطنهم من الجهل والاخلاق السيئة والنيات الفاسدة والاحوال القبيحة ، كما أمهل مدعي الربوبية والشيطان ، وأنهم خلقوا للبقاء لا للفناء ، وكما أن القوم مرضت قلوبهم عند مشاهدة تلك الاحوال ، كذلك مرضت قلوب المخادعين حين رأوا خلوص