دواعيهم ، وإرادتهم وجه الله سبحانه فيه ، فلم يقع عليهم ضرر في ذلك ، حتى لو وقعوا في أمر غير مشروع ؛ كالصلاة خلفه ، أو قبول شهادته بناء عن ترتّب الحكم على الموضوع الواقعي ؛ إذ هم معذورون بامتثال الحكم الظاهري ، والعمل على الطريق المشروع ، فلم يوقعهم في مكروه ، ولم يتخلّص من ضررهم أيضا ؛ إذ الضرر في المقام هو نهيهم إيّاه عمّا لا ينبغي ارتكابه من باب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصيحة لعباد الله ، وهذا عين نفعه لو كان شاعرا لمصالحه ، فهو دفع عن نفسه خيرا كان في مظانّ الوقوع عليه ، لا أنه تخلّص عن شرّ.
والخدعة بإظهار المحبة والصداقة وما شاكلهما أيضا لا يرد ضرره عليهم ؛ إذ هم ينتفعون بهذا الاظهار عاجلا ، ولا يضرهم آجلا ، ولو فرض إيراد المخادع عليهم ضررا دنيويّا في ضمن إظهار ما أظهره لم يكن ضررا حقيقيا بعد ملاحظة عدل الله سبحانه ، وأن الله يأخذ بحقوق الناس ، والضرر كل الضرر في جميع ذلك على المخادع في دنياه بالافتضاح عند الناس ، وفي الآخرة بالوبال والنكال ، فان «من أسرّ سريرة رداه الله رداءها ، إن خيرا فخير ، وإن شرّا فشرّ» (١) كما ورد في الاخبار على ما ببالي. فهو مضرّ نفسه ومخادع نفسه أوقع نفسه في صورة خير وصلاح ، وباطن فساد وضرار ، ديني ودنيويّ وأخروي ، وأظهر لنفسه إيراد الخير عليها ، وأورد
__________________
(١) رواه الكليني (رض) في الكافي ، ج ٢ ، باب الرياء ، ص ٢٩٤ ، ح ٦ ، عن عمر بن يزيد ، عن الصادق ـ عليهالسلام ـ في تفسير قوله تعالى : «بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ» (القيامة / ١٤) قال : «ان رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ كان يقول : من أسر ...» وهكذا في مجمع البيان ، ج ٥ ، ص ٣٩٦ ؛ والبحار ، ج ٧٢ ، باب الرياء ، ص ٢٨٥ ، ح ٦ ؛ ونور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٤٦٢ ، ح ٨.
قال المجلسى (ره) في شرحه : «استعير الرداء للحالة التي تظهر على الانسان ، وتكون علامة لصلاحه أو فساده.»