حتّى يصل العبد إلى مقصوده. وربّما يظهر لسالكه هذا الطريق في خلسة أو رؤيا ، فيراه على ما هو عليه من الصورة ، ويرى نفسه سالكا فيه ، وهو صراط مستقيم إلى معرفة الله سبحانه ، ومشتمل على عبادات جسمانيّة وروحانيّة ، وتقوى ظاهريّة وباطنيّة ، وتحصيل حقيقة الاقتداء بالامام عليهالسلام حالا وعملا وعلما ، وتشبّه به عليهالسلام ، وبه يظهر معرفة الامام ؛ إذ من لم يكن عنده حظّ ما من شيء لا يعرف حال من له الحظّ الاوفر منه ، فمن لم يذق شيئا لم يدر ما حال الذائقين. فكلّ مقام ليس للعبد فيه نصيب فهو محروم من معرفة أهله من هذه الصفة ، على أنّ معرفة الائمّة عليهمالسلام على نحو حقّ اليقين موقوف على حصول الارتباط المعنويّ بهم ، وظهور مقامات ولايتهم الباطنيّة على النفس المتّصلة بهم ، حتّى يكون تصديقه بامامتهم عن عيان ، لا عن خبر وسماع.
ولعلّه إليه يشير ما ورد في صفات الشيعة وحصر الشيعة فيمن اتّصف بصفات على ما ذكره المحدّثون في أخبار كثيرة ، فراجع (١).
[للعلوم والعقل مدخليّة في السّير إلى الله]
ثمّ إنّ للعلوم والادراكات جوهرة نورانيّة ، وللجهل المركّب والكفر والشرك جوهرة ظلمانيّة في عالم وراء هذا العالم ، وللأخلاق الحسنة والسيّئة تشكّلات بهيّة وقبيحة ، وللاعمال الحسنة والسيّئة تجسّمات حسنة وقبيحة ، فتصير العلوم والمعارف والاخلاق والاعمال جواهر مجرّدات عن المادّة العنصريّة في غيب هذا العالم ، إمّا في طرف علّيّين الّذي يشهده المقربون فيصعد بصاحبه إلى ذلك العالم ، وإمّا في طرف سجّين الذي يقابله فيهبط به إليه ، كما كان كلّيّات هذه
__________________
(١) راجع كتاب «صفات الشيعة» للصدوق (رض) ، وقد جمع فيه أحاديث كثيرة فى هذا المعنى.