وأنواعها موقوفة على معارف وإخلاق وأعمال هي الموصلة إليها ، ويعبّر عن مجموعها بالدين والشريعة ؛ كما قال صلىاللهعليهوآله :
«ما من شيء يقرّبكم إلى الجنّة ويباعدكم من النار إلا وقد أمرتكم به ، وما من شيء يقرّبكم إلى النار ويباعدكم من الجنّة إلا وقد نهيتكم عنه.» (١)
على ما يخطر ببالي من ألفاظ الحديث. أو قريبا من ذلك.
وحينئذ فصراط نعيم الآخرة وصراط الذين أنعم الله عليهم هو الدين والعبادة ؛ (وَأَنِ اعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ.)(٢)
ووصفه بالاستقامة إمّا باعتبار التوسّط وترك الافراط والتفريط فيه ، وإمّا باعتبار كون سلوكه كسلوك الطريق المستقيم في سرعة الوصول إلى المقصود وقربه ، إذ بين كلّ مكانين خط مستقيم واحد هو أقصر الخطوط المتصوّرة ، وخطوط معوّجة هي أطول منه على حسب بعده من الاستقامة وقربه إليها ، وسالك المستقيم أسرع وصولا من سالك كلّ منها ، وكذلك بين الانسان والوصول إلى المقصد طريقة هي أقرب الطرق إليه فهو المستقيم ، وطرق بعيدة لعدم تمحّضها من المقرب ، بل هو بين تقريب وتبعيد ، كما أنّ الطريق المنحرف مشتمل على توجّه نحو المقصود وانحراف عنه ، وكأنّه مركّب من المستقيم وغيره وبقدر ما فيه من المستقيم يوصل إلى المقصود. وحينئذ فسالك طريق العبوديّة والطاعة المحضة هو السالك للصراط المستقيم ، والآخرون الّذين خلطوا بينه وبين غيره سالكون طرقا منحرفة ، لكن
__________________
(١) أورده ابن شعبة الحرّاني (رض) فى تحف العقول ، فى جملة مواعظه ـ صلىاللهعليهوآله ـ ، ص ٢٨ ، لفظه هو : «انه والله ما من عمل يقربكم من النار الا وقد نبأتكم به ونهيتكم عنه ، وما من عمل يقربكم من الجنة الا وقد نبأتكم به وأمرتكم به.»
(٢) يس / ٦١.