المقامات كقوله : (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ)(١) و (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ)(٢) و (تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ)(٣) و (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ)(٤) وغيرها وجهين :
أحدهما ، أن يكون المنسوب إليه هو الله سبحانه لا الاسم ؛ كقول «لبيد» :
«إلى الحول ثمّ اسم السلام عليكما».
وهذا يمكن أن يكون نحو تعظيم في التعبير ، كما شاع ذكر الجناب ونحوه عند إرادة العرض على الاكابر ، مع أنّ المنسوب إليه هو الكبير بنفسه ، وأن يكون المراد من الاسم المذكور هو المسمّى ، كما صرّح به بعضهم في الآية الاولى (٥)
وثانيهما ، أن يكون الاستعانة بنفس الاستعانة ، وما شاكلها ، متعلّقة بنفس الاسم من حيث كون الاستعانة به استعانة بالمسمّي ، وكونه وسيلة إليه سبحانه سواء جعل الاسم بمعنى اللّفظ ، كما هو المفهوم منه عند العامّة ، فيكون إسناد التسبيح والتبارك إليه باعتبار كونه منزّها عن الدلالة على ما يشعر بنقص ، وكونه موجبا للبركة لمن واظب عليه ، أو ذكر الله سبحانه به ، أو عبارة عن حقيقة ذلك الاسم في عالم الربوبيّة ، فانّ للاسماء حقائق في أعلى درجات عالم الامكان ، كما سنبيّنه في خلال التفسير ـ إن شاء الله تعالى ـ. وحينئذ فنسبة التنزيه والبركة والاستعانة إليه حقيقة إمكانيّة ، يعني في مقام نسبة الاشياء الامكانيّة بعضها إلى بعض. وهذا الوجه أدلّ على تنزيه الحقّ وتباركه وكونه المستعان به من حذف الاسم وجعل المسمّى متعلّق النسبة.
__________________
(١) الاعلى / ١.
(٢) العلق / ١.
(٣) الرحمن / ٧٨.
(٤) الواقعة / ٧٤ و ٩٦ ؛ والحاقّة / ٥٢.
(٥) راجع تفسير النيشابوري ، ج ٣ ، سورة الاعلى ، ذيل الآية ؛ وهكذا في مجمع البيان ، ج ١ ، ص ٢٠ ، وج ٥ ، ص ٤٧٤ وفي التفسير الكبير ، ج ٨ ، ص ٥٣٦.