الاستغراق ، هذا.
وأثار الغبار واستثاره أي : هيّجه ؛ قيل : «لعلّ المراد بالدواء : العلم ، وبالداء : الجهل ، واستثارة العلوم الكامنة على حسب الاستعداد والكمال بالتدبّر والتفكّر والتذكّر.»
وقال بعضهم : «المراد أنّهم يداوون بآيات الخوف داء الرجاء الغالب الّذى كاد يبلغ [حدّ] الاغترار والامن لمكر الله ، وبآيات الرجاء داء الخوف إذا قرب من القنوط ، وبما يستكمل اليقين داء الشبهة ، وبالعبر داء القسوة ، وبما ينفر عن الدنيا والميل إليها داء الرغبة فيها ، ونحو ذلك.» (١)
وهذا مقام أهل الاحوال والاخلاق المشتغلين بمعالجة نفوسهم ، كما أنّ الاوّل مقام الحكماء المستهدين بأنوار القرآن ، فيمكن الحمل على الاعمّ منهما ، بل على الاعمّ من حال المنقطع إلى الله سبحانه في أدواته المتقرّب إليه سبحانه بكلامه ليجعله شفاء لما في صدره.
وركن إلى الشيء : مال وسكن. والتطّلع إلى الشيء : الاستشراف له ، والانتظار لوروده. ونصب الشيء : رفعه ، وأن يستقبل به شيء ، والكلمة منصوبة على الظرفيّة ؛ أي : ظنّوا أنّها فيما نصب بين أيديهم ، كذا قيل ، وعن بعض النسخ برفع النصب على أنّه خبر «أنّ» ، ويكون النصب بمعنى المنصوب والاضافة إلى الاعين لأدنى ملابسة.
وعن «الكيدريّ» : «وتطّلعت نفوسهم إليها أي : كادت تطلع شموس نفوسهم من أفق عوالم الابدان ، فتصعد إلى العالم الاعلى شوقا إلى ما وعدوا به في تلك الآيات من أخائر الذخائر وعظائم الكرائم.»
__________________
(١) نقله المجلسي (رض) عن والده (ره) في البحار ، وسنشير إلى موضعه فيه عن قريب ـ إن شاء الله تعالى ـ.