«قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : الرجل لا يرى أنّه صنع شيئا في الدعاء وفي القرائة حتّى يرفع صوته.
فقال عليهالسلام : لا بأس ، إنّ عليّ بن الحسين عليهماالسلام كان أحسن الناس صوتا بالقرآن ، وكان يرفع صوته حتّى يسمعه أهل الدار ، وإنّ أبا جعفر عليهالسلام كان أحسن الناس صوتا بالقرآن وكان إذا قام من اللّيل وقرأ رفع [به] صوته ، فيمرّ به مارّ الطريق من السقّائين وغيرهم ، فيقومون فيستمعون إلى قرائته.» (١)
فصدره لا يدلّ على أزيد من نفي البأس عن رفع الصوت لمن كان كذلك ، وهو محتمل لنفي الكراهة وإن تضمّن ترك بعض الآداب ؛ إذ ليس كلّ ترك مستحبّ مكروها بالمعنى الشائع ، ولكونه لأجل ترجيح ما يترتّب على رفع الصوت لمن كان كذلك من تأثّر القلب أو التّحزّن وغيرهما على الخفض ، ولنفي كون السنّة الاخفات مطلقا بحيث يخرج الجهر بها عن السنّة.
وأمّا ذيله فاجهار الامامين عليهماالسلام لأجل تنبيه السامعين وتأثيره في قلوبهم ، خصوصا على الحالة الّتي يقرئاه ، فيكون القرائة موعظة وتذكيرا في ضمن عبادة ، وهو حينئذ أرجح من ملاحظة استحباب الخفض بالقرائة ، خصوصا من الامام المنصوب لتكميل العباد ؛ لكن لا يبعد أن يكون رجحان الاسرار غير عامّ بحسب حالات القارئ وإن كان الظاهر أرجحيّة إخفاء العبادات المندوبة ؛ إذ النسبة بين
__________________
(١) السرائر ، باب النوادر (المستطرفات) ، ص ٤٨٤ ، وقد نقله من كتاب نوادر المصنفين لمحمد بن علي بن محبوب الاشعري الجوهري القمي ؛ وهكذا في الوسائل ، ج ٤ ، باب ٢٣ من أبواب قراءة القرآن ، ص ٨٥٨ ، ح ٢ ؛ والبحار ، ج ٩٢ ، باب قراءة القرآن بالصوت الحسن ، ص ١٩٤ ، ح ٩.