فالفواعل الطبيعية غير المختارة تعلّقت إرادته بصدور آثارها عنها بلا علم أو بلا اختيار ، وأمّّا غيرها فقد تعلّقت بصدور أفعاله ( الإنسان ) عن المبادئ الموجودة فيه ، ومن المبادىء كونه مختاراً في تعيين الفعل وترجيحه على الترك.
وعموم الإرادة بهذا المعنى لا يستلزم الجبر بعد التأمل والإمعان. وأمّا النقل فيشهد على عمومية إرادته بعض الآيات ، وإليك قسماً منها :
١ ـ قال سبحانه : (وَما تَشاءُونَ إِلاّ أنْ يَشاءَ الله رَبُّ الْعالَمينَ). (١)
وهو صريح في أن تعلّق مشيئة الإنسان بعد تعلّق مشيئة الله ، لا قبله ولا معه.
٢ ـ (وَما كانَ لِنَفْس أَنْ تُؤْمِنَ إِلاّ بِإِذْنِ الله). (٢)
وهذا أصل عام في عالم الوجود وإنّما ذكر الإيمان من باب المثال.
٣ ـ (ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَة أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصولِها فَبِإِذْنِ اللّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقينَ). (٣)
فقطع الأشجار أو إبقاؤها على أُصولها من أفعال الإنسان كان مشمولاً لإذنه سبحانه ومتعلّقاً به.
هذا إجمال ما أوضحناه في الأبحاث الكلامية ، ومن أراد التفصيل فليرجع إلى مظانّها.
ــــــــــــــــــ
١ ـ التكوير : ٢٩.
٢ ـ يونس : ١٠٠.
٣ ـ الحشر : ٥.