ثمّ عقبة الأعمال المرجوحة ، المفضولة يزيّنها له ، ويشغله بها عمّا هو أفضل وأعظم ربحا. ولكن أين أصحاب هذه العقبة! فهم الأفراد فى العالم. والأكثرون قد ظفر (١) بهم فى العقبة الأولى. فإن عجز عنه فى هذه العقبات جاء فى عقبة تسليط جنده عليه بأنواع الأذى ، على حسب مرتبته فى الخير. وهذه نبذة من لطائف أسرار التّوبة رزقنا الله تعالى [إيّاها] بمنّه وفضله إنّه حقيق بذلك.
وورد التّوبة فى القرآن على ثلاثة أوجه :
الأوّل : بمعنى التجاوز والعفو. وهذا مقيّد بعلى : (فَتابَ عَلَيْكُمْ)(٢) ، (أَوْ يَتُوبَ (٣) عَلَيْهِمْ) ، (وَيَتُوبُ اللهُ (٤) عَلى مَنْ يَشاءُ).
الثّانى : بمعنى الرّجوع ، والإنابة. وهذا مقيّد بإلى : (تُبْتُ (٥) إِلَيْكَ) ، (تُوبُوا (٦) إِلَى اللهِ) ، (فَتُوبُوا (٧) إِلى بارِئِكُمْ).
الثالث : بمعنى النّدامة على الزلّة. وهذا غير مقيّد لا بإلى ، ولا بعلى : (إِلَّا (٨) الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا) ، (فَإِنْ (٩) تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ).
ويقال : إن التّوبة من طريق المعنى على ثلاثة أنواع ، ومن طريق اللّفظ وسبيل اللّطف على ثلاثة وثلاثين درجة :
أمّا المعنى فالأوّل : التّوبة من ذنب يكون بين العبد وبين الرّب. وهذا يكون بندامة الجنان ، واستغفار اللسان.
__________________
(١) أى ابليس
(٢) الآية ٥٤ سورة البقرة وغيرها
(٣) الآية ٢٤ سورة الأحزاب
(٤) الآية ١٥ سورة التوبة
(٥) الآية ١٥ سورة الأحقاف
(٦) الآية ٨ سورة التحريم
(٧) الآية ٥٤ سورة البقرة
(٨) الآية ١٦٠ سورة البقرة
(٩) الآية ٣ سورة التوبة