٧٠ ـ بصيرة فى الارادة
وقد ورد فى القرآن على وجوه كثيرة بحسب إرادة المريدين. وهى منقولة من راد يرود : إذا سعى فى طلب شىء.
والإرادة فى الأصل : قوّة مركّبة من شهوة ، وحاجة ، وأمل. وجعل اسما لنزوع النّفس إلى الشىء مع الحكم فيه بأنه ينبغى أن يفعل أولا يفعل. ثمّ يستعمل مرّة فى المبدإ (١) ، وهو نزوع النفس إلى الشىء ، وتارة فى المنتهى ، وهو الحكم فيه بأنّه ينبغى أن يفعل أو لا يفعل. فإذا استعمل فى الله تعالى فإنه يراد به المنتهى دون المبدإ (٢). فإنّه يتعالى عن (٣) معنى النزوع. فمتى قيل : إن (٤) أراد الله كذا فمعناه حكم فيه أنّه كذا ، أو ليس بكذا.
وقد يذكر الإرادة ويراد بها الأمر ؛ كقوله : أريد منك كذا أى آمرك به. ومنه (يُرِيدُ (٥) اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ) وقد يذكر ويراد به القصد ؛ نحو قوله تعالى (نَجْعَلُها (٦) لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ) أى لا يقصدونه ويبطلونه. والمراودة : أن تنازع غيرك فى الإرادة ، فتريد غير ما يريده ، أو ترود غير ما يروده. والإرادة قد تكون بحسب القوة التسخيريّة ، والحسّيّة ؛ كما تكون بحسب القوّة الاختيارية. ولذلك (٧) يستعمل فى الجماد ، وفى الحيوان ، نحو قوله تعالى : (جِداراً يُرِيدُ (٨) أَنْ يَنْقَضَّ). وتقول فرسى يريد (٩) الشعير.
__________________
(١) أ : «المبتدأ» وما أثبت عن ب والراغب.
(٢) أ : «المبتدأ» وما أثبت عن ب والراغب.
(٣) أ : «من»
(٤) سقط «ان» فى الراغب. وهو أولى.
(٥) الآية ١٨٥ سورة البقرة
(٦) الآية ٨٣ سورة القصص
(٧) أ : «كذلك»
(٨) الآية ٧٧ سورة الكهف
(٩) فى الراغب : «تريد» والفرس يأتى للذكر والأنثى