أقبل ، قال تعالى : (وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ)(١) وأدبر النهار : ولّى ، قال : (وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ)(٢) وهى قراءة من تقدّم ذكره.
والتدبّر : التفكّر ، يقال : تدبّرت الأمر إذا نظرت فى أدباره. ومنه قوله تعالى : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ)(٣) أى أفلا يتفكّرون فيعتبروا ، وقوله : (أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ)(٤) أى أفلم يتفهّموا ما خوطبوا به فى القرآن. والدّبر : النحل والزنابير ونحوهما مما سلاحها فى أدبارها.
٤ ـ بصيرة فى الدثر والدخر والدحض والدحر
قال الله تعالى : (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ)(٥) أى المتدثّر ، وهو المتلفّف فى الدّثار ، وهو ما كان من الثياب فوق الشّعار. يقال : ادّثّر الرجل يدّثّر ادّثّرا أى تدثّر يتدثّر تدثّرا ، فأدغمت التّاء فى الدّال وشدّدت أى تلفّف فى الدّثار. وتدثّر الفحل النّاقة : تسنّمها ، وزيد فرسه : وثب عليه فركبه. وأدثر مثل أكرم : اقتنى دثرا من المال. ودثر الرّجل : علته كبرة واستشنان (٦). والسّيف : صدئ لبعد عهده بالصّقال ، والثوب : اتّسخ. والدّثر : المال الكثير. وهو دثر مال ـ بالكسر ـ أى حسن القيام به. ويقال : مال دثر ومالان دثر وأموال دثر. ومنه (٧) قيل للمنزل الدّارس : داثر لذهاب أعلامه.
__________________
(١) الآية ١٠ سورة النمل ، الآية ٣١ سورة القصص.
(٢) الآية ٣٣ سورة المدثر.
(٣) الآية ٨٢ سورة النساء ، والآية ٢٤ سورة محمد.
(٤) الآية ٦٨ سورة المؤمنين.
(٥) أول سورة المدثر.
(٦) الكبرة : التقدم فى السن والاستشنان : الهزال.
(٧) ذكر الراغب هذا بعد قوله : «وسيف داثر : بعيد العهد بالصقال» والمناسبة على هذا ظاهرة.