٣٥ ـ بصيرة فى الاتقاء
افتعال من التقوى ، وهو جعل الشىء فى وقاية ممّا يخاف منه. هذا حقيقته. ثمّ يسمّى الخوف تارة تقوى ، والتقوى تارة خوفا ، حسب تسمية المقتضى بمقتضيه ، والمقتضى بمقتضاه.
وصار التّقوى ـ فى عرف الشّرع ـ حفظ النّفس عمّا يؤثم. وذلك بتجنّب المحظور. و [يتم] ذلك بترك كثير من المباحات ، كما فى الحديث «الحلال (١) بيّن والحرام بيّن. ومن رتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه» ، «لا يبلغ (٢) الرّجل أن يكون من المتّقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا ممّا به البأس» قال الماع (٣) : منازل التقوى ثلاثة : تقوى عن الشرك ، وتقوى عن المعاصى ، وتقوى عن البدعة.
وقد ذكرها الله سبحانه فى آية واحدة ، وهى قوله ـ عزوجل ـ (لَيْسَ عَلَى (٤) الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) التّقوى الأولى تقوى عن الشرك ، والإيمان فى مقابلة التّوحيد ، والتّقوى الثانية عن البدعة ، والإيمان المذكور معها إقرار السنّة والجماعة. والتقوى
__________________
(١) الحديث أخرجه الشيخان فى صحيحيهما ، كما فى الجامع الصغير.
(٢) الحديث أخرجه الترمذى ، وقال : حسن غريب ، كما فى الجامع الصغير.
(٣) كذا ولم يتيسر لى تصحيحه.
(٤) الآية ٩٣ سورة المائدة.