٢٧ ـ بصيرة فى الخوف
وهو توقّع مكروه عن أمارة مظنونة أو معلومة ، كما أن الرجاء والطمع توقع محبوب عن أمارة مظنونة أو معلومة ، ويضادّ الخوف الأمن. ويستعمل ذلك فى الأمور الأخروية والدّنيويّة.
وقوله تعالى : (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما)(١) قد فسّر بعرفتم. وحقيقته : وإن وقع لكم خوف من ذلك لمعرفتكم. والخوف من الله لا يراد به ما يخطر بالبال من الرّعب كاستشعار الخوف ، بل إنّما يراد به الكفّ عن المعاصى وتحرّى الطّاعات. ولذلك قيل : لا يعدّ خائفا من لم يكن للذّنوب تاركا.
والخوف أجلّ منازل السّالكين وأنفعها للقلب. وهو فرض على كلّ أحد. قال تعالى : (وَخافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)(٢) وقال : (وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ)(٣) ومدح الله تعالى أهله فى كتابه وأثنى عليهم فقال : (إِنَّ الَّذِينَ (٤) هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ. وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ. وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ. أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَهُمْ لَها سابِقُونَ) فى مسند الإمام أحمد وجامع التّرمذى عن عائشة رضى الله عنها قالت قلت يا رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (الَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) أهو الّذى يسرق ويشرب الخمر ويزنى؟ قال : لا يا ابنة الصّديق : ولكنّه الرّجل يصوم ويصلّى ويتصدّق
__________________
(١) الآية ٣٥ سورة النساء.
(٢) الآية ١٧٥ سورة آل عمران.
(٣) الآية ٤١ سورة البقرة.
(٤) الآيات ٥٧ ـ ٦١ سورة المؤمنين.