وكلامه على كلا التقديرين ظاهر في رضاه بالعمل بمذهب الأكثر ، بل وعلى التقدير الثاني يستفاد منه كونه أحوط. وحينئذ فلا وجه لعدّ الشيخ في المبسوط مخالفاً للقول الأول ، إلاّ من حيث تجويزه العمل بما ذكره في المبسوط ، لا من حيث منعه عن العمل بما عليه الأصحاب. وهو في الحقيقة موافق لهم في جواز العمل بما صاروا إليه. وليس الأمر كما يستفاد من موافقيه من تعين العمل بما أفتوا به ، والمنع عن العمل بما عليه القوم.
ومن هنا يظهر مرجّح آخر لما صاروا إليه من حيث موافقة الشيخ لهم في المبسوط أيضاً ، بل مطلقاً ، فإنّ ما ذكره في الاستبصار (١) مع رجوعه عنه غير معلوم كونه فتوى له ، فلعله ذكره لمجرّد الجمع بين الأخبار ، وقد مضى الإشارة إلى مثله مراراً ، هذا.
ولو جمع بينهما بنحو ما قدمناه لكان أظهر وأولى.
ثم إنّ ما ذكره في الاحتياط في الكتابين محل نظر ؛ لأنّه الأخذ بالمتيقن ، وليس في شيء من الأقوال بمتحقق.
بقي هنا شيء ينبغي التنبيه عليه ، وهو أنّ الفاضل المقداد في شرح الكتاب رجّح ما عليه الفاضل في القواعد والإرشاد (٢) ، قال : لما قلنا من تكافؤ الدعويين من غير ترجيح ؛ ولأنّ الحكم لكل بما يصلح له لو كان حقاً لزم الحكم بمال شخص لغيره ؛ لكونه صالحاً لذلك الغير ، وهو باطل. وبيان اللزوم : أنّه جاز أن يموت للمرأة أخ فترث منه عمائم وطيالسة ودراريع وسلاحاً ، ويموت للرجل أُمّ أو أُخت فيرث منها حلياً ومقانع وقمصا مطرزة بالذهب ويكون ذلك تحت أيديهما ، فلو حكم لكل بما
__________________
(١) راجع ص ١٩٥.
(٢) راجع ص ١٩٦.