خلافاً للإسكافي والمفيد في كتاب الإشراف والشيخ في الخلاف ، فلم يوجبوا البحث ، بل اكتفوا بظاهر الإسلام (١) ، بناءً منهم على أنّ الأصل فيه العدالة ، وادعى الأخير عليه إجماع الطائفة (٢) ، ومبنى الخلاف هنا على الاختلاف في تفسير العدالة ، هل هي ظاهر الإسلام مع عدم ظهور فسق ، أو حسن الظاهر ، أو الملكة ، أي : الهيئة الراسخة في النفس الباعثة لها على ملازمة التقوى والمروءة؟.
وينبغي القطع بضعف القول الأوّل منها ؛ لمخالفته الرواية المتقدّمة الدالّة على لزوم البحث مع المعرفة بالإسلام أيضاً ، بناءً على الظهور الذي قدّمنا.
واستصحاب عدم ثبوت المشروط بالعدالة إلاّ بعد تيقّنها ، ولا يقين هنا ؛ لعدم دليل على كونها مجرد الإسلام مع عدم ظهور الفسق أصلاً ، عدا الإجماع المتقدم ، والنصوص المدعى عليه دلالتها.
منها الصحيح : في أربعة شهدوا على رجل محصن بالزنا ، فعدّل منهم اثنان ولم يعدّل الآخران ، قال : فقال : « إذا كانوا أربعة من المسلمين لا يعرفون بشهادة الزور أُجيزت شهادتهم جميعاً ، وأُقيم الحد على الذي شهدوا عليه ، إنّما عليهم أن يشهدوا بما أبصروا به وعلموا ، وعلى الوالي أن يجيز شهادتهم ، إلاّ أن يكونوا معروفين بالفسق » (٣).
والمرسل : عن البيّنة إذا أُقيمت على الحق ، أيحلّ للقاضي أن يقضي
__________________
(١) حكاه عن الإسكافي في المختلف : ٧١٧ ، الاشراف ( مصنفات المفيد ٩ ) : ٢٥ ، الخلاف ٦ : ٢١٧.
(٢) الخلاف ٦ : ٢١٨.
(٣) الكافي ٧ : ٤٠٣ / ٥ ، التهذيب ٦ : ٢٧٧ / ٧٥٩ ، الإستبصار ٣ : ١٤ / ٣٦ ، الوسائل ٢٧ : ٣٩٧ كتاب الشهادات ب ٤١ ح ١٨.