لأنّه حينئذ في مقابلة عمله معهما وفصل الحكومة بينهما من غير اعتبار الحكم لأحدهما بخصوصه.
وإن شرطه على المحكوم له ، فالفرق أنّ الحكم لا يتعلّق الغرض فيه بأحدهما بخصوصه ، بل من اتفق له الحكم منهما على الوجه المعتبر يكون عليه الجعل ، وهذا ليس فيه تهمة ولا ظهور غرض ، بخلاف الرشوة المبذولة له ابتداء من شخص معيّن ليكون الحكم له بخصوصه كيف كان ، فإنّ هذا ظاهر في فساد المقصد وصريح في تطرّق التهمة.
( و ) يجب ( على المرتشي إعادتها ) عيناً مع وجودها ، وعوضاً مثلاً أو قيمةً مع تلفها مطلقاً ، كان التلف بتفريطه أم لا ، وجوباً فورياً ، بلا خلاف في شيء من ذلك بيننا ، بل يظهر من المسالك وغيره أنّ عليه إجماعنا (١) ، وفيه خلاف لبعض العامّة ، حيث ذهب إلى أنّه يملكها وإن فعل حراماً ؛ لوجود التمليك والقبول (٢).
وآخرون منهم ذهبوا إلى أنّه يضعها في بيت المال (٣).
وهما ضعيفان جدّاً ، ولا سيّما الثاني منهما.
( النظر الثالث : في ) بيان ( كيفية الحكم ، وفيه مقاصد ) ثلاثة :
( الأوّل : في وظائف الحاكم ) وآدابه ( وهي أربع ) :
( الأُولى : ) يجب على القاضي ( التسوية بين الخصوم في السلام ) عليهما وردّه إذا سلّما عليه ( والكلام ) معهما ( والمكان ) لهما فيجلسهما
__________________
(١) المسالك ٢ : ٣٦٥ ؛ وانظر الروضة ٣ : ٧٥ ، والكفاية : ٢٦٥.
(٢) لم نعثر عليه.
(٣) المغني ١١ : ٤٣٩ ، الشرح الكبير ١١ : ٤٠٥.