فقد أعدّ الله لهذا العلم قبل الشيخ الأنصاري عقولاً وأفكاراً قوية نهضت بتحقيقات واسعة ونقدت أفكار السابقين وهذّبتها ، وجدّدت في هذا العلم ، ووضعت مبانيه واُسسه على اُصول قوية متينة ، مثل : المحقّق القمّي في القوانين ، وصاحب الفصول ، وشريف العلماء ، والنراقي ، وصاحب الضوابط (المتوفّى سنة ١٢٦٣ هـ) وغيرهم.
ثم جاء الشيخ مرتضى الأنصاري (١٢١٤ ـ ١٢٨١ هـ) مستفيداً من هذه الجهود جميعاً ، قرأها ووعاها ، واستفاد وتمكّن منها ، ثم استخدم ما آتاه الله تعالى من المواهب الفكرية والرؤية الثاقبة في النقد والتجديد والبناء في المحتوى والمنهج ، وبلغ هذا العلم على يده أرقى ما وصل إليه علم الاُصول في تاريخ الفكر الإسلامي.
وقد جدّد الشيخ الأنصاري في علم الاُصول وجاء بمنهجية جديدة ، أصبحت هي منهج الاُصول في المباحث العقلية من بعده ، ولم يتّفق لأحد من قبله هذا الكشف والفتح الذي فتحه الله على يده.
نقول : إنّنا لا نزيد في الجواب على ما صدّرنا به الإشارة إلى رؤية هذا المحقّق الفاضل ; حيث إنّ مسرى البحث متكاملاً يكشف ضعف هذه الرؤية وعدم تكاملها.
* * *