ولقد كانت محاولة السيد محمد تقي الحكيم (رحمه الله) ـ المتعنونة بكتابه : الاُصول العامّة للفقه المقارن ـ ناجحةً في عرض التفوّق العلمي الشيعي الاُصولي وإيصال إشعاعاته الفكرية إلى الميادين المختصّة في عالمنا الإسلامي ; حيث اطّلع علماء المسلمين على مدى العمق والدقّة والنظم والمنهجية والابتكار التي يمتاز بها هذا العلم عندنا ، والملفت للنظر ذلك الخطاب الميسّر واللغة السهلة اللذين استخدمهما المؤلّف في نقل وعكس أفكار مدرستنا الاُصولية مقارنةً بسائر المدارس ، مع أنّها تعدّ بلا شك خطوة نحو الحوار العلمي الرصين الهادف.
* * *
إنّ بلوغ علم الاُصول الشيعي مرحلة التكامل زمن الشيخ الأنصاري (قدس سره) كان نتيجة سلسلة متواصلة من البناء العلمي والجهاد الفكري والكفاح المعرفي ، بذر نواته الاُولى الرسول الأكرم وأئمّة أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، واستمرّ إلى يومنا هذا .. فهي إذن حقيقة متواصلة متناغمة ، لا تقبل العزل والفصل والقطع والمصادرة بأيّ شكل من الأشكال.
أمّا الرقيّ المستمرّ بعد وفاة الشيخ الأنصاري (قدس سره) فيعدّ امتداداً لمدرسته المباركة ، بل زاد ذلك في تكامليتها استحكاماً ورسوخاً ورفعةً وسموّاً .. إنّها من أشمخ حالات اليقين والطمأنينة ، وهذا فضلٌ عظيم منّ به الباري سبحانه وتعالى على المذهب الحقّ.