إنّ الحلّ الأساسي لهذه المشكلة الكبيرة ـ التي تعدّ أخطر آفة تصادر قيمة الإنسان وتسلبه كلّ الفرص المؤدّية إلى الهداية والفلاح ـ يكمن في بناء الشخصيّة ، وبناء الشخصيّة عمليّة أخلاقيّة تعتمد نظاماً ومعايير واضحة ، عمليّة فكريّة تستدعي معرفةً بمناهج وأنساق تعيد الإنسان إلى المربّع العقائدي الأوّل ، لذا فإنّ اللبنة الاُولى في إطار إعادة الانتشار الإنساني السليم تعني إحكام محاور مرحلة الثبوت للإنطلاق إلى مرحلة الإثبات بثبوت ورسوخ ، إنّه انتقال من عالم التصوّر إلى عالم التصديق ، من النظريّة إلى التطبيق .. والإنسان إذا ما طوى مراحل بلوغ الحقيقة طيّاً منهجيّاً نسقيّاً ـ أعني به الوعي والفهم ـ فإنّ مزلّ القدم منخفِضُ النسبة لديه ، بخلاف الطيّ المشاعري العاطفي فإنّه ـ على العموم ـ في معرض الأخطار والمنخفضات المخيفة.
لابدّ من قراءة وفهم وممارسة اُصول ومفردات الاعتقاد بشكل مستوعب شامل من أجل تجاوز العثرات والمطبّات : من شبهات وخيالات واغراءات ونظائرها ، والتفرّغ علميّاً وفكريّاً وثقافيّاً وتطبيقيّاً لتسلّق سلالم الكمال الإنساني .. لا شكّ أنّها عمليّة شائكة صعبة لكنّها ممتعة لمن عزم حازماً على فهم الحقيقة وفهم أنّه من أين وفي أين وإلى أين.
* * *