وقول النجاشي في ترجمة علي بن جعفر بن محمّد : «له كتاب في الحلال والحرام ، يروي تارة غير مبوّب وتارة مبوّباً» (١). فهذا تنبيه على إختلاف النسخ وهو من الصفات الطارئة على الحديث.
والحاصل : إنّه يظهر من كلمات المتقدّمين من الرجاليّين في كتبهم وفهارسهم وكذا من المحدّثين إنّهم كانوا يُميّزون في تقسيمات الحديث واعتباره بين الصفات التي تكون للحديث بلحاظ الراوي من جهة أمانة نقله أو التي للراوي بلحاظ خبرويّة نقله أو التي تكون لمضمون الحديث المروي في نفسه أو التي تكون للحديث باعتبار الطروّ أي ممّا يعرض عليه من حالات مختلفة ولم يكن ذلك منهم إلّا لإختلاف درجات الاعتبار والحجّية ، وكذا الضعف بلحاظها كما أنّه يختلف الحديث في كيفية وصوله إلى درجة الوثوق والصدور بلحاظ تلك التقسيمات ودرجاتها ، حيث توضح هذه التقسيمات إنّه لم يكن مدار الحجّية عندهم صرف وثاقة الراوي ، بل على الوثوق بالصدور من الزوايا الأربع ، ومن ثمّ تراهم يطرحون خبر الثقة إن اختلّت الجهات الاخرى ويعملون بخبر الراوي الضعيف إذا تمّت الجهات الاخرى مع انضمام قرائن تجبر النقص في الجهة الأولى.
وبما تقدّم يتجلّى أنّ التقسيمات الأربعة بأقسام عديدة كثيرة من علماء الدراية في الأعصار المتأخّرة لم يكن إلّا مواضعة اسم جديد لكلّ قسم ، لا أنّها استحداث لواقع مسمّى المصطلح ، أو لتمييز لم يكن حاصلاً عند قدماء المحدّثين والرجاليين.
__________________
(١) رجال النجاشي ٢٥٢ / ٦٦٢.