إلّا أنّ اعتبار روايته تلك كان على درجة متوسّطة.
ونظير ذلك قوله في أحمد بن علي بن العبّاس بن نوح السيرافي : «كان ثقة في حديثه ، متقناً لما يرويه ، فقيهاً بصيراً بالحديث والرواية» (١) حيث إنّه لم يكتف بتوثيقه ، بل ذكر نوعيّة ودرجة وثاقته.
وكذا ما ذكره النجاشي أيضاً في ترجمة جعفر بن محمّد بن جعفر من قوله : «كان وجهاً في الطالبيين ، متقدّماً ، وكان ثقة في أصحابنا ، سمع وأكثر وعمّر وعلا إسناده» (٢).
وكذا عبارة الصدوق في كتاب الصوم من الفقيه في باب (ما يجب على من أفطر) قوله : «وبهذه الأخبار أفتى ولا أفتي بالخبر الذي أوجب عليّ القضاء ، لأنّه رواية سماعة بن مهران وكان واقفياً» (٣) ، وليس مراده عدم العمل بروايات سماعة من رأس ؛ إذ هو يروي كثيراً في كتابه عنه معتمداً على روايته ، بل مراده عدم العمل بروايته في مقام الترجيح للصحيح على الخبر الموثّق أو لاحتمال عدم العمل بما تفرّد به سماعة ، كما عبّر بذلك في موضع آخر ، لكنه على الاحتمال الثاني يكون مبناه في رواية سماعة الضعف وعدم الاعتبار إلّا أنّ درجة الضعف ليست بالغة ، بل إذا اعتضدت بأدنى قرينة ، فإنّه يوجب الوثوق بصدور الرواية.
وهذه الأقسام من درجات الحديث الضعيف ليس له عين ولا أثر عند المتأخّرين ، مع إنّه قد نبّه عليه النجاشي والشيخ في ترجمة كثير من الرواة ميزاً
__________________
(١). رجال النجاشي ٨٦ / مفردة ٢٠٩.
(٢) رجال النجاشي ١٢٢ / مفردة ٣١٤.
(٣) الفقيه ٢ / ٧٥ ، كتاب الصيام ، الباب ٣٣ ، ذيل الحديث ٢١.