ذلك ، فمن ثمّ يتبيّن أنّ ما عليه القدماء من التقسيمات لكلّ من الضعيف والمعتبر هو من الأهمّية بمكان في بحث الحجّية بأقسامها ، وإنّ الذي وقع من المتأخّرين هو عكس ما ادعيَ من إحداثهم للتقسيم.
بل الحقيقة إنّهم قد تركوا التقسيمات العديدة عند القدماء ذات الفائدة الخطيرة في كيفيّة الحجّية بأقسامها ، وإنّ الذي وقع من المتأخّرين هو الاصطلاح على بعضها وإهمال بقيّة الأقسام.
وهناك شواهد على تعدّد التقسيم لدى القدماء :
قد قال الشيخ في كتاب العُدّة في فصل خبر الواحد : «إنّا وجدنا الطائفة ميّزت الرجال الناقلة لهذه الأخبار ، فوثّقت الثقات منهم وضعّفت الضعفاء ، وفرّقت بين من يُعتمد على حديثه وروايته وبين من لا يُعتمد على خبره ، ومدحوا الممدوح منهم ، وذمّوا المذموم ، وقالوا فلان متّهم في حديثه ، وفلان كذّاب ، وفلان مخلّط ، وفلان خالف في المذهب والاعتقاد ، وفلان واقفي ، وفلان فطحي ، وغير ذلك في الطعون التي ذكروها ، وصنّفوا في ذلك الكتب واستثنوا الرجال من جملة ما رووه من التصانيف في فهارسهم ، حتّى إنّ واحداً منهم إذا أنكر حديثاً طعن في إسناده وضعّفه بروايته ، هذه عادتهم على قديم وحديث لا تنخرم» (١).
والذي يظهر من هذه العبارة إنّ التقسيمات العديدة هي موجودة منذ القدم في الفهارس وكتب الرجال.
__________________
(١) راجع تقسيمات الشيخ في العُدّة ١ / ١٤١ ، ١٥٢ ، ١٥٥.