السادس : إنّ الشيخ (قدّس الله روحه) فعل مثل ما فعل الصدوق ، لكن لم يترك الأسانيد طرّاً في كتبه ، فاشتبه الأمر على المتأخّرين ، لأنّ الشيخ عمل لذلك كتاب الفهرست وذكر فيه أسماء المحدّثين والرواة من الإماميّة وكتبهم وطرقه إليهم وذكر قليلاً من ذلك في مختتم كتابي التهذيب والاستبصار ؛ فإذا أورد رواية ظهر على المتتبّع الممارس أنّه أخذه من شيء من تلك الأصول المعتبرة وكان للشيخ في الفهرست إليه سند صحيح ، فالخبر صحيح مع صحّة سند الكتاب إلى الإمام وإن اكتفى الشيخ عند إيراد الخبر بسند فيه ضعف.
السابع : إنّ الشيخ رحمهالله ذكر في الفهرست عند ترجمة محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي ما هذا لفظه : «له نحو من ثلاثمائة مصنّف ... أخبرنا بجميع كتبه ورواياته جماعة من أصحابنا ؛ منهم الشيخ أبو عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان ، وأبو عبد الله الحسين بن عبيد الله الغضائري ، وأبو الحسين بن جعفر بن الحسن بن حسكة القمي ، وأبو زكريّا محمّد بن سليمان الحمراني كلّهم عنه» (١) انتهى.
فظهر أنّ الشيخ روى جميع مرويّات الصدوق (نوّر الله ضريحهما) بتلك الأسانيد الصحيحة ، فكلّما روى الشيخ خبراً من بعض الأصول التي ذكرها الصدوق في فهرسته ، بسند صحيح ، فسنده إلى هذا الأصل صحيح وإن لم يذكر في الفهرست سنداً صحيحاً إليه ، وهذا أيضاً باب غامض دقيق ينفع في الأخبار التي لم تصل إلينا من مؤلّفات الصدوق رحمهالله.
فاذا أحطت خُبراً بما ذكرنا لك من غوامض أسرار الأخبار وإن كان ما تركنا
__________________
(١) الفهرست / ٤٤٣ و ٤٤٤ ، الرقم ٧١٠.