الله والله ما لكم سرّ إلّا وعَدُوُّكم أعلم به منكم.
يا ابن النعمان ، ابقِ على نفسك ، فقد عصيتني ، لا تذع سرّي ، فإنّ المغيرة ابن سعيد كذب على أبي وأذاع سرّه ، فأذاقه الله حرّ الحديد ، وإنّ أبا الخطاب كذب عليّ وأذاع سرّي ، فأذاقه الله حرّ الحديد ، ومن كتم أمرنا زيّنه الله به في الدنيا والآخرة ، وأعطاه ، ووقاه حرّ الحديد ، وضيق المحابس» الحديث (١).
فإنّ هذه الرواية تشير إلى أنّ عدّة من رواة أسرار المعارف حيث لم تكن لهم القابليّة على صون تلك الأمور ، مضافاً إلى حدّة العجلة التي فيهم حرصاً على بلوغ المراتب العالية ، أدّى بهم إلى الزيغ عن الجادّة.
ولعلّ هذا يفسّر تشدّد الأصحاب حول أمثال هؤلاء الرواة ، ردعاً لهم عن الشطط والتطرّف.
النقطة الثانية : إنّ كتبه كما عرفت بعضها في المعارف ، وأكثرها في الفروع ،
وقد وصفها الشيخ بأنّها مثل كتب الحسين بن سعيد على عددها ، وأنّ كبار الأصحاب كالصدوق ، وأبيه ، وشيخه ابن الوليد ، وسعد بن عبد الله ، والحميري ، ومحمّد بن يحيى العطار شيخ الكليني ، ومحمّد بن الحسين ابن أبي الخطّاب الكوفي ، وأحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري ، قد رووا كتبه وتلقّوها بالقبول.
وأمّا عبارة أيّوب بن نوح المتقدّمة فهي نحو من التستّر عن الاشتهار بالرواية عنه ، وإلّا فمناولته تلامذته الراويين عنه روايات محمّد بن سنان نحوٌ من الرواية وهي الرواية بالمناولة ، مع أنّ في كلامه نحو من الترغيب لهم في روايتها بشيء من الخفاء ، وذلك في قوله : «إن شئتم أن تكتبوا ذلك فافعلوا» وأمّا تعليله عدم
__________________
(١) رواه في المستدرك أبواب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، باب ٣٢.