المقدمة الثالثة : إنّ المقدار الثابت اعتباره من حجّية الخبر بالدليل الخاصّ انّما هو خبر الثقة أو الموثوق بصدوره دون مطلق الخبر ، ولو بنينا على عدم تمامية الدليل الخاصّ بل الاستناد في الحجّية على الانسداد ، فإنّ دليله بناءً على الكشف منتج لحجية حصّة خاصّة من الظن تقارب دائرة خبر الثقة.
وأمّا على القول بالحكومة في دليل الانسداد أي حكم العقل بالاكتفاء الظني في فراغ الذمّة فهو أيضاً يُحدّد درجة الامتثال الظني بموارد خبر الثقة تقريباً ، وتحديد صغرى الثقة من غيره يتكفّلها علم الرجال.
هذا فضلاً عن موارد التعارض في الأخبار المنتشرة في كلّ أبواب الفقه حيث يكون معالجتها أو تحديد الحجّة بالترجيح في صفات الراوي الممتاز بها عن الراوي الآخر ، وتلك الصفات الزائدة على الوثاقة لا يتمّ إحرازها إلّا بعلم الرجال.
المقدمة الرابعة : وهاهنا دعويان :
إنّ ما بأيدينا من الأخبار الواصلة في الكتب الأربعة وغيرها من كتب الحديث ليس كما يدّعيه أصحابنا الأخباريون من اعتبار كلّ طُرقها ، إذ في الطرق ما هو واجد لشرائط الحجّية وما هو ليس كذلك ، ولتميّز الواجد عن غيره لا بدّ أن يتوسّل بعلم الرجال ، كما انّ دعوى المحقّق الهمداني والمحقّق العراقي من التوصّل في إحراز صغرى الخبر الموثوق به بتوسّط الشهرة بأقسامها ، فهي غير تامّة أيضاً.
بيان عدم تماميّة الدعويين
نتعرض أوّلاً للدعوى الأخيرة منهما حيث أورد عليها :
أوّلاً : منع حجّية الشهرة بأقسامها كسراً وجبراً.