منها : إنّ النبي صلىاللهعليهوآله قال لأبي بكر ـ بعد عزله عن تبليغ آيات سورة البراءة ـ : «وأمّا أنت فقد عوّض الله بما قد حملك من آياته وكذلك من طاعاته ، الدرجات الرفيعة والمراتب الشريفة ...».
ومنها : ما في تفسير قوله تعالى : (أَوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ)(١) من إنّ وصيّة النبي صلىاللهعليهوآله لأصحابه ـ وبها أوصى حين صار إلى الغار ـ فإنّ الله قد أوحى إليه : يا محمّد إنّ العليّ الأعلى يقرأ عليك السلام ويقول لك : إنّ أبا جهل والملأ من قريش قد دبّروا يريدون قتلك ، وآمرك أن تبيّت عليّاً في موضعك ، وقال لك : إنّ منزلته منزلة إسماعيل الذبيح من إبراهيم الخليل ، يجعل نفسه لنفسك فداء وروحه لروحك وقاءً ، وآمرك أن تستصحب أبا بكر ، فانّه إن آنسك وساعدك ووازرك وثبت على ما يعاهدك ويعاقدك ، كان في الجنّة مِن رفقائك ، وفي غرفاتها من خلطائك ... ثمّ قال النبي صلىاللهعليهوآله لأبي بكر : أرضيتَ أن تكون معي يا أبا بكر تطلب كما أطلب ، وتُعرف بأنّك أنت الذي تحملني على ما ادّعيه ، فتحمل عنّي أنواع العذاب؟ قال أبو بكر : أمّا أنا لو عشت عمر الدنيا أعذب في جميعها أشدّ عذاب ، لا ينزل عليّ موت مُريح ولا فرج مُتيح وكان ذلك في محبّتك لكان ذلك أحبّ إليّ من أن أتنعّم فيها وأنا مالك لجميع ممالك ملوكها في مخالفتك ، وهل أنا ومالي وولدي إلّا فداؤك؟ .... الخ.
مع أنّ ما اشتمل عليه أنّ استصحابه له بالوحي ، شيئاً لم يقل به العامّة في صاحبهم ، بل رووا أنّه صلىاللهعليهوآله لم يستصحبه ، بل لحق أبو بكر به لمّا سمع ، وصار سبباً لإسراع النبي صلىاللهعليهوآله في المشي وإدماء رجله ، كما رواه الطبري.
__________________
(١). البقرة / ١٠٠.