بالأحكام الواقعيّة ، فكما أنّ دليل الانسداد قد يكون كبيراً بلحاظ أبواب كلّ الشريعة وبلحاظ الطرق لتلك الأحكام صدوراً ودلالة وجهة أو امتثالاً قد يكون صغيراً بلحاظ باب معيّن أو بلحاظ موضوع في باب معيّن ، كما قيل في الأنساب والأوقاف ونحوهما ، فكذلك الحال في صياغة هذا الدليل لبيان ضرورة علم الرجال.
وتفصيل ذلك يتمّ ببيان مقدّمات :
المقدّمة الأُولى : العلم الإجمالي بوجود أحكام يجب معرفتها ، إمّا للامتثال أو للحفظ عن الاندراس أو لتعليمها للآخرين أو لإقامتها بين المكلّفين.
المقدمة الثانية : انّ معرفة تلك الأحكام لا يفي بها مجموع ما يستفاد من ظاهر الكتاب وحكم العقل والأخبار المستفيضة منها والمتواترة ، وهكذا المسلّمات الضرورية بين المتشرّعة ، فإنّ مجموع ذلك لا يتولّد منه إلّا معرفة الأحكام الضرورية وما يليها لا مطلق التفاصيل ، فإنّ آيات الأحكام وإن رَبَتْ على الخمسمائة آية إلّا إنّ ما يستفاد منها ليس إلّا أمّهات قواعد الأبواب ، وباطن الكتاب وإن اشتمل على تبيان كلّ شيء من الفروع والمعارف الاعتقاديّة كما في قوله تعالى (وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ)(١). إلّا أنّ الوصول إلى ذلك بحكم الوجدان لا يمكن إلّا بحبل العترة الطاهرة.
وأما حكم العقل فهو في دائرة الأحكام الكلّية الفوقانيّة جداً (٢) ، كأحكام
__________________
(١) النحل / ٨٩.
(٢) والتي هي بمثابة المواد الدستورية الأمّ في القوانين الوضعية بخلاف المواد التشريعية في المجالس النيابية المتوسطة التي يعبّر عنها في اصطلاح الأصوليين العمومات المتوسطة ، وبخلاف المواد التشريعية الوزارية التحتانية والتي يعبّر عنها بالعمومات التحتانية القريبة.