وقد أسهبنا في مسألة الإجماع من علم الأصول الجمع بين دعويي الإجماع من الشيخ الطوسي والسيّد المرتضى في العمل بالخبر الواحد أو عدم العمل به.
وأمّا عبارة الشيخ في الاستبصار عند قوله : «إنّه لا يجب على الحاكم التفتيش عن بواطن الناس ، وإنّما يجوز له أن يقبل شهادتهم إذا كانوا على ظاهر الإسلام والأمانة وأن لا يعرفهم بما يقدح فيهم ويوجب تفسيقهم ، فمتى تكلّف التفتيش عن أحوالهم يحتاج إلى أن يعلم جميع الصفات» (١).
وقال أيضاً في معرض الجمع بين الأخبار الواردة في العدالة وكيفيّة إحرازها : «إنّه ينبغي قبول شهادة من كان ظاهره الإسلام ، ولا يعرف فيه شيء من هذه الأشياء» (٢) ويشير بذلك إلى الصفات القادحة في الشهادة.
فهذه العبارة وإن أوهمت ذلك ، إلّا أنّ التدبّر فيها يقضي بأنّ استناده في إحراز العدالة إلى وجود ظهور السلوك العملي من الشاهد على الأمانة والاستقامة ، من دون بروز صفة قادحة للعدالة ، أي بضميمة عدم العلم بالفسق ، فمستنده حسن الظاهر الذي هو من أمارات الوثاقة والعدالة المذكورة في مثل موثقة ابن أبي يعفور الواردة في العدالة.
وأمّا ما ذكره الشيخ في العُدّة عند قوله : «وأمّا العدالة المراعاة في ترجيح أحد الخبرين على الآخر ، فهو ان يكون الراوي معتقداً للحقّ ، مستبصراً ثقة في دينه ، متحرّجاً من الكذب ، غير متّهم في ما يرويه ، فامّا إذا كان مخالفاً في الاعتقاد لأصل المذهب وروى مع ذلك عن الأئمّة عليهمالسلام نُظر في ما يرويه ... وإن لم يكن من
__________________
(١) الاستبصار ٣ / ١٣.
(٢) المصدر المتقدّم / ١٤.