وقسّم جماعة من النحويّين ـ كابن مالك وابن يعيش وغيرهما ـ الضمير المستتر إلى قسمين :
أ. مستتر وجوبا وهو ما لا يخلفه ظاهر ولا ضمير منفصل ، كالمرفوع بفعل الأمر للواحد المخاطب ، نحو : «اضرب» ، أو بمضارع مبدوء بتاء الخطاب للواحد ، نحو :
«تضرب» أو بالهمزة ، نحو : «أضرب» أو بالنون ، نحو : «نضرب» ، أو المرفوع بفعل الاستثناء نحو : «جاءني القوم خلا زيدا» أو ب «أفعل» للتّعجّب نحو : «ما أحسن زيدا» أو ب «أفعل» التفضيل ، نحو : «زيد أعلم من عمرو» ، وقوله تعالى : «هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً».(١)
ب. مستتر جوازا وهو ما يخلفه ظاهر أو ضمير منفصل ، كالمرفوع بفعل الغائب أو الغائبة أو الصّفات أو اسم الفعل الماضي ، نحو : «زيد قام» و «هند قامت» و «زيد قائم أو مضروب أو حسن وهيهات» ؛ ألا ترى أنّه يجوز «زيد قام أبوه» أو «ما قام إلّا هو» وكذا الباقي. (٢)
أحكام الضمير
١ ـ الاتّصال والانفصال
كلّ موضع أمكن أن يؤتى فيه بالضمير المتّصل لا يجوز العدول عنه إلى المنفصل لما فيه من الاختصار المطلوب الموضوع لأجله الضمير. فلا تقول في «أكرمتك» : «أكرمت إيّاك» ، لأنّه يمكن الإتيان بالمتّصل.
__________________
وذو ارتفاع وانفصال أنا هو |
|
وأنت والفروع لا تشتبه |
وذو انتصاب في انفصال جعلا |
|
إيّاي والتّفريع ليس مشكلا |
(١). مريم (١٩) : ٧٤.
(٢). قال ابن هشام في أوضح المسالك (١ / ٦٤): «وفيه نظر ، إذ الاستتار في نحو : «زيد قام» واجب ، فإنّه لا يقال : «قام هو» وأمّا «زيد قام أبوه» أو «ما قام إلّا هو» فتركيب آخر. والتحقيق أن يقال : ينقسم العامل إلى ما لا يرفع إلّا الضمير المستتر ك «أقوم» وإلى ما يرفعه وغيره ك «قام».
قد يقال : إنّ مراد من قال بالاستتار جوازا هو التقسيم الذي جعله ابن هشام تحقيقا ، ولا فرق بينهما إلّا باعتبار أنّ المقسم في تقسيمهم هو الضمير المستتر باعتبار العامل وفي تقسيمه عكسه. راجع لتحقيق البحث : حاشية الصبّان على شرح الاشموني : ١ / ١١٣ ، والتصريح على التوضيح : ١ / ١٠٢.