(١)
المفعول به
عرّفه ابن الحاجب في الكافية بأنّه «ما وقع عليه فعل الفاعل ، نحو : ضربت زيدا». (١) والأصل في المفعول به تأخّره عن عامله وقد يتقدّم جوازا ، نحو قوله تعالى : (فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ)(٢) ووجوبا ، كما إذا كان المفعول ممّا له الصدر ، نحو قوله تعالى : (فَأَيَّ آياتِ اللهِ تُنْكِرُونَ)(٣) و (أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) ، (٤) أو وقع عامله بعد فاء الجزاء وليس له منصوب غيره مقدّم عليها ، (٥) نحو : (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ)(٦) بخلاف «أمّا اليوم فاضرب زيدا».
__________________
(١). قال المحقّق الرضى رحمهالله : «يريد ما وقع عليه أو جرى مجرى الواقع ، ليدخل فيه المنصوب في «ما ضربت زيدا» و «أوجدت ضربا» و «أحدثت قتلا» ؛ فكأنّك أوقعت عدم الضرب على زيد ، وكأنّ الضرب كان شيئا أوقعت عليه الإيجاد. وفسّر المصنّف وقوع الفعل ب «تعلّقه بما لا يعقل إلّا به» فعلى تفسيره ينبغى أن تكون المجرورات في «مررت بزيد» و «قربت من عمرو» و «بعدت من بكر» و «سرت من البصرة إلى الكوفة» مفعولا بها ولا شكّ أنّه يقال إنّها مفعول بها لكنّها بواسطة حرف جرّ. ومطلق لفظ المفعول به لا يقع على هذه الأشياء في اصطلاحهم ، وكلامنا في المطلق. وأيضا فإنّ معنى «اشترك» في قولهم : «اشترك زيد وعمرو» لا يفهم إلّا بعد إسنادك إيّاه إلى زيد إلّا بشيء آخر وهو عمرو أو غيره وليس بمفعول في الاصطلاح. والأقرب في رسم المفعول به أن يقال : «هو ما يصحّ أن يعبّر عنه باسم مفعول غير مقيّد مصوغ من عامله المثبت أو المجعول مثبتا. فبقولنا «اسم مفعول غير مقيّد مصوغ من عامله» يخرج جميع المعمولات ، أمّا المفعول المطلق فلأنّ الضرب في قولك «ضربت ضربا» و «أحدثت ضربا» وإن كان مفعولا للمتكلّم في المثالين إلّا أنّه لا يقال في الأوّل : «إنّ ضربا مضروب» ويقال في الثاني : «إنّه محدث». وأمّا سائر المفاعيل فيطلق عليها اسم المفعول المصوغ من عامله لكن مقيّدا بحرف الجرّ ...».
شرح الكافية (١) : ١٢٧.
(٢). البقرة (٢) : ٨٧.
(٣). غافر (٤٠) : ٨١.
(٤). الإسراء (١٧) : ١١٠.
(٥). قال المحقّق الرضي رحمهالله : وذلك لما يجيء في حروف الشروط من أنّه لا بدّ من نائب مناب الشرط المحذوف بعد أمّا. ولو كان له منصوب آخر جاز أن تقدّم أيّهما شئت وتخلّي الآخر بعد عامله [أي : تبقيه بعد عامله ، ومعنى التخلية الترك]. شرح الكافية (١) : ١٢٨.
(٦). الضّحى (٩٣) : ٩.