(٢)
الحروف المشبّهة ب «ليس»
وهي : ما ولا ولات وإن.
أمّا «ما» فأعملها الحجازيّون (١) وبلغتهم جاء التنزيل ، قال الله تعالى : (ما هذا بَشَراً) ، (٢) ولإعمالها عندهم أربعة شروط :
الأوّل : أن لا يقترن اسمها ب «إن» الزائدة ، ولهذا اهملت في قول الشاعر :
بني غدانة ما إن أنتم ذهب |
|
ولا صريف ولكن أنتم الخزف (٣) |
أمّا رواية بعضهم «ذهبا» و «صريفا» فأجيب بأنّ «إن» نافية مؤكّدة ل «ما».
الثاني : أن لا ينتقض نفي خبرها (٤) ب «إلّا» ، فلذلك وجب الرفع في قوله تعالى (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ)(٥) وفي «ما زيد قائما بل قاعد» أو «لكن قاعد». وأمّا قول الشاعر :
وما الدّهر إلّا منجنونا بأهله |
|
وما صاحب الحاجات إلّا معذّبا (٦) |
فمن باب «ما زيد إلّا سيرا» ، أي : «إلّا يسير سيرا» ، والتقدير : «إلّا يدور دوران منجنون» و «إلّا يعذّب معذّبا ، أي : تعذيبا».
الثالث : أن لا يتقدّم خبرها على اسمها ، ولذلك وجب الرفع ، في قول الشاعر :
وما خذّل قومي فأخضع للعدى |
|
ولكن إذا أدعوهم فهم هم (٧) |
__________________
(١). ولغة بنى تميم أنّها لا تعمل شيئا ، تقول : «ما زيد قائم» ، و «زيد» مبتدأ و «قائم» خبره.
(٢). يوسف (١٢) : ٣١.
(٣). بني غدانة : منادى حذف منه حرف النداء ، أي : يا بني غدانة ، والصريف : الفضّة ، والخزف : ما عمل من الطين وشوي بالنار فصار فخّارا.
(٤). ولا يضرّ نفي معمول خبرها ، نحو : «ما زيد ضاربا إلّا عمرا».
(٥). آل عمران (٣) : ١٤٤.
(٦). المنجنون : اسم للدولاب الذي يسقى عليه الماء.
(٧). «خذّل» : جمع خاذل ، مثل ركّع ، في جمع راكع. وخاذل : اسم فاعل من خذله يخذله ، إذا ترك نصرته