اشتغال العامل عن المعمول
هو أن يتقدّم اسم ويتأخّر عنه فعل أو شبهه قد عمل في ضمير ذلك الاسم أو في متعلّقه (١) بحيث لو سلّط عليه هو أو مناسبه (٢) لنصبه. نحو : «زيدا ضربته» و «زيدا مررت به» و «زيدا ضربت غلامه» و «أزيدا أنت ضاربه الآن أو غدا؟».
ذكر النحويّون أنّ الاسم المتقدّم في هذا الباب على خمسة أقسام : لازم النصب ، لازم الرفع ، راجح النصب ، راجح الرفع ومستو فيه الأمران.
فيجب النصب إذا وقع الاسم بعد أداة تختصّ بالفعل ، كأدوات الشرط ، نحو : «إن زيدا أكرمته أكرمك».
ويجب الرفع إذا وقع الاسم بعد أداة تختصّ بالدخول على الجملة الاسميّة ، ك «إذا» الفجائيّة ، نحو : «خرجت فإذا زيد يضربه عمرو» ، أو وقع الفعل بعد ما له صدر الكلام ، وهو الذي لا يقع ما قبله معمولا لما بعده ، كأدوات الشرط والاستفهام و «ما» النافية ، نحو : «زيد إن لقيته فأكرمه» و «زيد هل تضربه» و «زيد ما لقيته». (٣)
ويترجّح النصب في مواضع :
أحدها : إذا وقع بعد ذلك الاسم فعل دالّ على طلب ـ كالأمر والنهي والدعاء (٤) ـ نحو : «زيدا اضربه» و «عمرا لا تضربه» و «زيدا رحمهالله». (٥)
__________________
(١). التعلّق يكون من وجوه كثيرة ؛ ككون الاسم مضافا إلى ذلك الضمير ، نحو : «زيدا ضربت غلامه» أو موصوفا لعامل ذلك الضمير نحو : «زيدا ضربت رجلا يحبّه» ، أو موصولا كذلك ، نحو : «زيدا ضربت الّذي يحبّه» وغير ذلك.
(٢). دخل بهذا القيد نحو : «زيدا مررت به» و «زيدا ضربت غلامه». ولا يمكن أن يكون المقدّر من لفظ المفسّر ؛ لأنّه يقتضي في الأوّل تعدّي القاصر بنفسه وفي الثاني خلاف الواقع إذ الضرب لم يقع بزيد ، فوجب أن يقدّر في الأوّل «جاوزت» وفي الثاني «أهنت» ؛ فإنّ ضرب الغلام يستلزم إهانة مولاه عادة.
(٣). لا يخفى أنّ ضابط باب الاشتغال لا يصدق على ما يجب رفعه ، لما تقدّم من قولنا «بحيث لو سلّط عليه هو أو مناسبه لنصبه». ولعلّ النحويّين ذكروا هذا القسم إفادة لتمام القسمة وإن كان ليس من الباب.
(٤). لأنّ وقوع هذه الأشياء خبرا للمبتدأ قليل في الاستعمال.
(٥). وإنّما اتّفق القرّاء السبعة على الرفع في قوله تعالى : «السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما». المائدة (٥) : ٣٨. لأنّ تقديره عند سيبويه : «ممّا يتلى عليكم حكم السّارق والسّارقة فاقطعوا أيديهما». ف «السّارق