وفيه نظر ؛ لأنّ استعمالات «الجملة» تدلّ على أنّ الإفادة ليست شرطا فيها ، بل هي عبارة عن الفعل وفاعله والمبتدأ وخبره وما كان بمنزلة أحدهما ، سواء أفادت أم لم تفد ، نحو : «قام زيد» و «زيد قائم» و «ضرب اللصّ» و «أقائم الزيدان» و «كان زيد قائما» و «إن قام زيد». فتبيّن أنّ الجملة أعمّ من الكلام.
ما يتألّف منه الكلام
يتألّف الكلام من اسم وفعل وحرف. (١)
__________________
(١). قال ابن مالك في الألفيّة :
كلامنا لفظ مفيد ك «استقم» |
|
واسم وفعل ثمّ حرف الكلم |
واحده كلمة والقول عمّ |
|
وكلمة بها كلام قد يؤمّ |
يريد : أنّ الكلام عند النحاة هو اللفظ المفيد ، ك «استقم». وأنّ الكلم ـ أي : الكلمات التي يتألّف منها الكلام ـ ثلاثة أقسام : اسم وفعل وحرف. وواحده كلمة. والقول ـ وهو اللفظ الدالّ على معنى ـ عمّ الكلام والكلمة ، أي : يطلق على كلّ واحد منهما وقد ينفرد عنهما ، نحو : «غلام زيد» والكلمة قد يقصد بها الكلام ، كقولهم في «لا إله إلّا الله» : «كلمة الإخلاص».
تنبيهات :
الأوّل : عرّف جماعة من النحويين «الكلمة» ب «لفظ موضوع مفرد». والأكثر على أنّ المفرد في مقابل المركّب وأرادوا بالمفرد ما لا يدلّ جزئه على جزء معناه ، نحو : «زيد». فإنّ أجزائه ـ وهي الزاي والياء والدال ـ إذا أفردت لا تدلّ على شيء من المعنى. وعلى هذا يخرج المركّب ، نحو : «كتاب زيد» ، فإنّ كلّ واحد من جزئيه ـ وهما «كتاب» و «زيد» ـ دالّ على جزء المعنى.
وقد يقال : إنّ المفرد عندهم عبارة عن اللفظ الواحد ، وتفسيره ب «ما لا يدلّ جزئه على جزء معناه» اصطلاح المنطقيّين ، فذكره في العربيّة من خلط اصطلاح باصطلاح.
وذهب بعضهم ـ كابن عقيل ـ إلى أنّ المفرد في مقابل الكلام.
وكيف كان فإنّ للمناقشة في أصل التعريف مجالا. راجع : شرح الكافية للمحقّق الرضي رحمهالله (١) : ٤ و ٥.
الثاني : الظاهر أنّ «الكلم» في عبارة ابن مالك بمعناه اللغوي ، أي : إنّ الاسم والفعل والحرف هي الكلمات التي يتألّف منها الكلام.
والكلم بمعناه الاصطلاحي عبارة عن «ما تركّب من ثلاث كلمات فأكثر ، سواء أكان مفيدا أم لا ، كقولك :
«إن قام زيد». وهذا اصطلاح خاصّ ذكر في بعض كتب النحو وليس كلام ابن مالك ظاهرا فيه وإن توهّم بعضهم.