لكان مطابقا للياء غير مطابق لما يعود إليه وهو «أخوين» ولو أتيت به ضميرا مثنّى فقلت : «أظنّ ويظنّاني إيّاهما زيدا وعمرا أخوين» لطابقه ولم يطابق الياء الذي هو خبر عنه فتعيّن الإظهار فتقول : «أظنّ ويظنّاني أخا زيدا وعمرا أخوين». فتخرج المسألة حينئذ من باب التنازع ؛ لأنّ كلّا من العاملين قد عمل في ظاهر. (١)
تنبيهات
الأوّل : قد يكون العاملان المتنازعان فعلين ، ويشترط فيهما أن يكونا متصرّفين ، كقوله تعالى : (آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً) ، (٢) وقد يكونان اسمين ويشترط فيهما أن يكونا مشبّهين للفعل في العمل ، كقول الشاعر : «عهدت مغيثا مغنيا من أجرته». (٣)
ف «من» اسم موصول تنازعه كلّ من مغيث ومغن ، وقد يكونان مختلفين ، كقوله تعالى : «هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ».(٤)
الثاني : قد علم ممّا ذكر أنّ التنازع لا يقع بين حرفين ولا بين حرف وغيره ولا بين
__________________
(١). قال ابن مالك :
إن عاملان اقتضيا في اسم عمل |
|
قبل فللواحد منهما العمل |
والثّاني أولى عند أهل البصره |
|
واختار عكسا غيرهم ذا أسره |
وأعمل المهمل في ضمير ما |
|
تنازعاه والتزم ما التزما |
ك «يحسنان ويسيء ابناكا |
|
وقد بغى واعتديا عبداكا» |
ولا تجىء مع أوّل قد اهملا |
|
بمضمر لغير رفع اوهلا |
بل حذفه الزم إن يكن غير خبر |
|
وأخّرنه إن يكن هو الخبر |
وأظهر ان يكن ضمير خبرا |
|
لغير ما يطابق المفسّرا |
نحو أظنّ ويظنّاني أخا |
|
زيدا وعمرا أخوين في الرّخا |
(٢). الكهف (١٨) : ٩٦.
(٣). هذا عجز بيت من الطويل ، وصدره :
فأين إلى أين النّجاة ببغلتي
وقوله : «عهدت» مبني للمفعول ، أي : عهدك الناس على هذه الصفة ، أي : علموك على هذه الصفة. و «أجرته» ، بمعنى : كنت له جارا.
(٤). الحاقّة (٦٩) : ١٩.