فكما لا يجوز منّا ترك القول بالحقّ في الآخرين لأجل أن لا يفرح المنافق ، لا يجوز منّا تركه في الأوّلين ، ولو أنصف المنافق لرأى أنّ من دلائل صحّة الإسلام فساد أمرائه ، وهو لا يزداد إلّا رفعة وسناء.
ثمّ إنّ الطعن لو صحّ لم يختصّ بأمّة نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بل هو جار في الأمم السالفة ، كما في أمر السامري (١) ، وبلعم (٢) ، وغيرهما (٣).
وكلّ ما جرى في أمّة نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم جرى في الأمم السابقة ، حذو
__________________
(١) قال تعالى : ( قالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ * ... قالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً ) سورة طه ٢٠ : ٨٥ ـ ٩٧.
انظر ما جرى للسامريّ مع نبيّي الله موسى وهارون عليهماالسلام ، في تفسير الآيات المذكورة من كتب التفسير.
وانظر : تاريخ الطبري ١ / ٢٥٠ ـ ٢٥٣ ، الكامل في التاريخ ١ / ١٤٥ ـ ١٤٦ ، البداية والنهاية ١ / ٢٥٢ ـ ٢٥٤ ، المنتظم ١ / ٢٣٥.
(٢) قال تعالى : ( وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَالَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ * وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) سورة الأعراف ٧ : ١٧٥ و ١٧٦.
انظر تفصيل ما جرى لبلعم بن باعوراء ، في تفسير الآيتين المذكورتين من كتب التفسير.
وانظر : تاريخ الطبري ١ / ٢٥٨ ـ ٢٦٠ ، الكامل في التاريخ ١ / ١٥٣ ، البداية والنهاية ١ / ٢٨٠ ، المنتظم ١ / ٢٣٧.
(٣) مثل : طالوت وجالوت ، وأقوام نوح عليهالسلام وصالح عليهالسلام ولوط عليهالسلام ، وغيرهم ممّن ذكرهم القرآن الكريم.