وأقول :
قد أوضحنا دلالتها على إمامته ، فراجع وتبصّر (١)!
__________________
(١) انظر : ج ٥ / ٣١ ـ ٣٨ من هذا الكتاب.
وقد ردّ نظام الدين النيسابوري ، المتوفّى سنة ٧٢٨ ه ، في تفسيره ٦ / ٢٧٤ ـ ٢٧٦ على ما أشكل به القاضي عبد الجبّار والفخر الرازي على هذه الفضيلة ، فقال ما نصّه : « قال القاضي : هذا لا يدلّ على فضله على أكابر الصحابة ؛ لأنّ الوقت لعلّه لم يتّسع للعمل بهذا الفرض.
وقال فخر الدين الرازي [ تفسير الفخر الرازي ٢٩ / ٢٧٣ ] : سلّمنا أنّ الوقت قد وسع ، إلّا أنّ الإقدام على هذا العمل ممّا يضيّق قلب الفقير الذي لا يجد شيئا ، وينفّر الرجل الغني ، ولم يكن في تركه مضرّة ؛ لأنّ الذي يكون سببا للألفة أولى ممّا يكون سببا للوحشة.
وأيضا : الصدقة عند المناجاة واجبة ، أمّا المناجاة فليست بواجبة ولا مندوبة ، بل الأولى ترك المناجاة ؛ لما بيّنّا من أنّها كانت سببا لسآمة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم.
قلت : هذا الكلام لا يخلو عن تعصّب مّا!
ومن أين يلزمنا أن نثبت مفضوليّة عليّ رضي الله عنه في كلّ خصلة؟!
ولم لا يجوز أن يحصل له فضيلة لم توجد لغيره من أكابر الصحابة؟!
فقد روي عن ابن عمر : كان لعليّ رضي الله عنه ثلاث ، لو كانت لي واحدة منهنّ كانت أحبّ إليّ من حمر النّعم : تزويجه بفاطمة رضي الله عنها ، وإعطاؤه الراية يوم خبير ، وآية النجوى.
وهل يقول منصف : إنّ مناجاة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم نقيصة؟!
على أنّه لم يرد في الآية نهي عن المناجاة ، وإنّما ورد تقديم الصدقة على المناجاة ، فمن عمل بالآية حصل له الفضيلة من جهتين : سدّ خلّة بعض الفقراء ، ومن جهة محبّة نجوى الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ففيها القرب منه ، وحلّ المسائل العويصة ، وإظهار أنّ نجواه أحبّ إلى المناجي من المال ».