وأقول :
لا ريب أنّ الاستثناء دليل العموم (١) ، فتثبت لعليّ عليهالسلام جميع منازل هارون الثابتة له في الآية سوى النبوّة.
ومن منازل هارون : الإمامة ؛ لأنّ المراد بالأمر في قوله تعالى : ( وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي ) (٢) هو الأعمّ من النبوّة ـ التي هي التبليغ عن الله تعالى ـ ، ومن الإمامة ـ التي هي الرئاسة العامّة ـ ، فإنّهما أمران مختلفان ..
ولذا جعل الله سبحانه إبراهيم نبيّا وإماما بجعلين مستقلّين ، وكان كثير من الأنبياء غير أئمّة ، كمن كانوا بزمن إبراهيم وموسى ، فإنّهم أتباع لهما ، وخاضعون لسلطانهما.
ويشهد للحاظ الإمامة وإرادتها من الأمر في الآية ، الأخبار السابقة المتعلّقة بآخر الآيات التي ذكرناها في الخاتمة (٣) ، المصرّحة ـ تلك ـ بأنّ
__________________
(١) قال البيضاوي : « ومعيار العموم جواز الاستثناء ، فإنّه يخرج ما يجب اندراجه لولاه ، وإلّا لجاز من الجمع المنكر ... » انظر : منهاج الوصول في معرفة علم الأصول : ٧٦.
وقال نظام الدين الأنصاري في شرحه المزجيّ لكلام محبّ الله البهاري : « ( لنا جواز الاستثناء ) ثابت في الكلمات المذكورة ، ( وهو معيار العموم ) ، فإنّه لإخراج ما لولاه لدخل ... » انظر : فواتح الرحموت ـ بهامش المستصفى ـ ١ / ٢٦١.
وراجع مبحث « دلالة الحديث على عموم المنزلة » في : نفحات الأزهار ١٧ / ٢٥٩ ـ ٣٨٠.
(٢) سورة طه ٢٠ : ٣٢.
(٣) راجع : ج ٥ / ٤٠٨ وما بعدها من هذا الكتاب.