وأقول :
استجابة الدعاء في مثل هذه الأمور الخارقة للعادة لا تقع إلّا لنبيّ أو وصيّ نبيّ ؛ لاشتمالها على المعجز ، وليس مثلها لغير أمير المؤمنين عليهالسلام ، فيكون هو الإمام.
وأمّا ما ذكره من سرّ الاستسعاد ، فهو من الأسرار الخاصّة بضمائر المخالفين لأهل البيت ؛ إذ لم يظهر علمه لغيرهم ، كما عرفته في الآية السادسة (١) ، والحديث الثامن (٢).
كما إنّ الاستسعاد لا يتوقّف على الحاجة الواقعيّة ، بل هو من أمر الله تعالى ؛ لبيان شرف آل محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم عنده وعنايته بهم ..
ومن كمال الرسول ، حيث لا يظهر منه الاعتماد على نفسه ، وأنّ له حقّا على الله في الإجابة ، كما سبق موضّحا (٣).
وأمّا تكذيبه للدعاء على أنس بحجّة أنّ حديث الغدير مستفيض لا يحتاج إلى الاستشهاد ؛ ففيه :
إنّ أمير المؤمنين عليهالسلام إنّما أراد بيان استفاضته ، وكثرة المطّلعين عليه ؛ لتظهر إمامته بالنصّ ، وهذا ممّا يحتاج إلى أعظم الشواهد عند من نشأوا على موالاة الأوّلين ، ولو لا هذا ونحوه لم يكثر الشيعة بالكوفة ،
__________________
(١) راجع : ج ٤ / ٤٠٢ وما بعدها من هذا الكتاب.
(٢) راجع مبحث حديث المباهلة في الصفحات ٧٤ ـ ٧٩ من هذا الجزء.
(٣) تقدّم في ج ٤ / ٤٠٢ ـ ٤١٠ من هذا الكتاب ، والصفحات ٧٤ ـ ٧٩ من هذا الجزء.