وأقول :
نعم ، هو من تلطّفاته صلىاللهعليهوآلهوسلم وحبّه لأمير المؤمنين عليهالسلام ، ولكن تلطّفه به حال نومه في المسجد من دون إشعار بالكراهة ، دليل على عدم كراهة النوم له فيه ، وعلى مساواته للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في الحكم والطهارة ، كما يفيده حديث سدّ الأبواب إلّا بابه (١) ، وقد سبق وجه دلالته على إمامته عليهالسلام (٢).
مضافا إلى دلالة هذا الحديث على شدّة زهده البالغ أقصى الغايات ، الذي يمتاز به على سائر أهل الدرجات ؛ لأنّه من بيت النعمة والشرف ، وابن شيخ البطحاء (٣) ،
__________________
(١) راجع الصفحة ١٠٥ وما بعدها من هذا الجزء.
(٢) راجع الصفحة ١١٧ وما سبقها من هذا الجزء.
(٣) شيخ البطحاء : لقب أبي طالب عليهالسلام ، حامي الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكافله ، وناصره ، الذي رمي ظلما بالشرك ، وما ذاك إلّا بغضا لابنه عليّ عليهالسلام ؛ وكيف يكون مشركا وأحاديث الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم الثابتة تشهد بإيمانه ، ولطالما أثنى عليه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم عندما سأله عمّه العبّاس : ما ترجو لأبي طالب؟ قال : كلّ الخير أرجو من ربّي.
مضافا إلى ذلك الأدلّة الأخرى ، النقلية والعقلية ، التي أثبتها الإمامية وغيرهم في عشرات الكتب والرسائل التي ألّفوها لإثبات إيمانه ، ومن هذه الأدلّة :
١ ـ إنّ الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يفرّق بين أبي طالب وبين زوجه فاطمة بنت أسد وهي عاشر من أسلم ، فلم تزل معه حتّى توفّي ؛ إذ لو كان مشركا لفرّق بينهما كما فعل مع غيره ، وقد قال تعالى : ( وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ ) .. ( وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا ) سورة البقرة ٢ : ٢٢١ ، وقال سبحانه : ( فَإِنْ