وأقول :
لا يخفى أنّ التقابل بين جابر وابن عيينة لا يتوقّف على كونهما صحابيّين ، بل يتوقّف على انتهاء السلسلة إليهما ؛ غاية الأمر أن تكون رواية ابن عيينة مرسلة ، وهو كثير في أخبار صحاحهم!
ولم أعثر في مراجعتي ل « صحيح البخاري » إلّا على رواية واحدة في آخر « كتاب الأحكام » ، عن جابر ، قال : سمعت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : يكون اثنا عشر أميرا ؛ فقال كلمة لم أسمعها ، فقال أبي : إنّه قال : كلّهم من قريش (١).
وحكى في « ينابيع المودّة » (٢) عن كتاب « العمدة » ، أنّ البخاري روى الحديث من ثلاثة طرق.
ولا ريب أنّ المراد به : أئمّتنا ؛ لأمور :
الأوّل : إنّه لو لا إرادتهم ، لكان الخبر كاذبا إن أراد جميع أمراء قريش ، وغير مفيد بظاهره إن أراد البعض.
الثاني : إنّ بعض أحاديث المقام يفيد بظاهره وجود الاثني عشر في تمام الأوقات بعد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى قيام الساعة ، وهو لا يتمّ إلّا على إرادة أئمّتنا ؛ كخبر مسلم في أول « كتاب الإمارة » ، عن جابر ، قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : « لا يزال الدين قائما حتّى تقوم الساعة ، أو
__________________
(١) صحيح البخاري ٩ / ١٤٧ ح ٧٩.
(٢) في الباب السابع والسبعين [ ٣ / ٢٨٩ ]. منه قدسسره.
وانظر : عمدة عيون صحاح الأخبار : ٤٨١ ح ٧٨٢ ـ ٧٨٤.