من يصلّي بالناس ».
لكن زعم ابن زمعة أنّه أمر عمر بالصلاة ، فلمّا كبّر سمع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم صوته ، قال : « فأين أبو بكر؟! يأبى الله ذلك والمسلمون! » (١).
وهو غير مقبول منه ؛ لأنّه يقتضي قطع صلاة عمر ، وتأخيره ، وتقديم أبي بكر ؛ وهو حادث كبير ، لو صحّ لشاع.
ويشهد أيضا لعدم تعيين النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم للمصلّي بالناس ، ما أخبر به أنس في الرواية المذكورة ، أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « يا بلال! قد بلّغت ، فمن شاء فليصلّ ، ومن شاء فليدع » (٢).
فإنّ مراد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم هو التخيير في أمر الجماعة والإمامة ، لا أصل الصلاة بالضرورة ، وحينئذ فيكون خبر الراوي في تتمّة الحديث بأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « مروا أبا بكر فليصلّ بالناس » (٣) من الإضافات التي قضت بها السياسة!
وكيف يجتمع زعمهم أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم هو الآمر بتقديم أبي بكر ، وأنّه صلّى بالناس أيّاما ، مع جعله من جيش أسامة ، ولعن من تخلّف عنه؟! (٤).
وأيضا : لو كان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم هو الآمر المصرّ على تقديم أبي بكر ، وقد قصد التلويح إلى خلافته ، فما معنى خروجه صلىاللهعليهوآلهوسلم بأوّل صلاة صلّاها
__________________
(١) الاستيعاب ٣ / ٩٦٩ ـ ٩٧٠.
(٢) تقدّم آنفا في الصفحة ٥٦٢.
(٣) تقدّم آنفا في الصفحة ٥٦٠.
(٤) راجع الصفحة ٥٥٧ ه ١ من هذا الجزء.