أبيها.
وأقرّت بكذبها في المقام بما أظهرته من سبب الاستعفاء ؛ فإنّها تقول في كثير من أخبارهم : « ما حملني على كثرة مراجعتي إلّا أنّي كنت أرى أنّه لن يقوم أحد مقام النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلّا تشاءم الناس به » (١).
فمع هذا ونحوه ، كيف تعتبر روايتها وتقدّم على ما يخالفها؟!
كما لا نعتبر خبرها بأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم هو الآمر بتقديم أبي بكر ، بل إنّما أمر أن يصلّي بالناس بعضهم ، فانتهزت عائشة الفرصة فأمرت بتقديم أبي بكر ؛ كما يشهد له خبر عائشة السابق في رواية أبي الشيخ ، حيث أخبرت في آخره بأنّ النبيّ قال : « مري أباك أن يصلّي بالناس » (٢) ، فإنّه كاشف عن أنّ الأمر بتقديم أبيها قد صدر منها ، لكن ادّعت أنّه عن أمر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم!
ويشهد لعدم تعيين النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم للمصلّي ، ما في « الاستيعاب » بترجمة أبي بكر ، عن عبد الله بن زمعة (٣) ، قال : قال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : « مروا
__________________
(١) انظر : صحيح البخاري ٦ / ٣٣ ح ٤٣٢ ، صحيح مسلم ٢ / ٢٢ ، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ ٨ / ١٥٢.
(٢) تقدّم آنفا في الصفحة السابقة.
(٣) هو : عبد الله بن زمعة بن الأسود بن عبد المطّلب بن أسد بن عبد العزّى بن قصي القرشي الأسدي ، أمّه : قريبة بنت أبي أميّة بن المغيرة ، أخت أمّ سلمة أمّ المؤمنين رضوان الله عليها.
قتل أبوه زمعة وعمّه عقيل يوم بدر كافرين ، وأبوهما : الأسود ، كان من المستهزئين الّذين قال الله تعالى فيهم : ( إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ ) سورة الحجر ١٥ : ٩٥.
وقتل هو سنة ٣٥ ه مع عثمان بن عفّان في داره يوم هجم عليه المسلمون.
انظر : معرفة الصحابة ٣ / ١٦٥٣ رقم ١٦٣٨ ، الاستيعاب ٣ / ٩١٠ رقم ١٥٣٧ ، أسد الغابة ٣ / ١٤١ رقم ٢٩٤٩ ، الإصابة ٤ / ٩٥ رقم ٤٦٨٧.