أبو بكر وعزله عن الجماعة ، وهو بتلك الحال الشديدة المشجية ، تخطّ رجلاه في الأرض ، ويتهادى بين رجلين ، حتّى صلّى بالناس من جلوس صلاة المضطرّين؟!
فلا بدّ أن يكون مريدا بخروجه المستغرب رفع ما لبسوه على الناس ، من أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم هو الآمر بتقديمه.
وأيضا : لو كانت صلاته بأمر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وصلّى بالناس أيّاما ، لا صلاة الصبح فقط ، فلم لم يحضر صلاة النهار يوم وفاة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بل كان بمنزله في السّنح (١)؟!
وأيضا : لو كانت صلاته بأمر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومرغوبة له ، ومريدا بها التلويح إلى خلافته التي يعلم بوقوعها ، وأنّهاعلى الهدى كما زعموا ، فما الذي حدث حتّى خرج على تلك الحال ، وخطب تلك الخطبة العالية ، وقال : « سعّرت النار ، وأقبلت الفتن » (٢)؟!
فالمنصف يعلم من هذا أنّ صلاة أبي بكر لم تكن عن أمره ، بل كانت فتنة اتّخذها أولياؤه حجّة ، وكانت أوّل نار سعّرت على الحقّ ، وفتنة مظلمة!
ولذا لم يعتدّ بها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وصلّى مبتدئا ؛ فإنّه لو صلّى إماما لهم من حيث وصل إليه أبو بكر ، لخلت صلاته ـ على الأقل ـ من
__________________
(١) انظر : تاريخ الطبري ٢ / ٢٣١ و ٢٣٢ ، تاريخ دمشق ٢ / ٥٦ ، البداية والنهاية ٥ / ١٨٤ ـ ١٨٦ ، شرح نهج البلاغة ١٣ / ٣٦.
والسّنح : هي إحدى محالّ المدينة المنوّرة ، وهي في طرف من أطرافها ، بينها وبين منزل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ميل ، كان بها منزل أبي بكر.
انظر : معجم البلدان ٣ / ٣٠١ رقم ٦٦٧٥.
(٢) تقدّم آنفا في الصفحة ٥٦١.