على شركها بمكّة ، وهاجر أبو بكر وهي كافرة ، فلمّا نزل قوله تعالى : ( وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ ) (١) ، طلّقها أبو بكر ، فمن عجز عن ابنه وأبيه وامرأته فهو عن غيرهم من الغرماء أعجز ».
ثمّ قال أبو جعفر : « وكيف أسلم سعد ، والزبير ، وعبد الرحمن ، بدعاء أبي بكر ، وليسوا من رهطه ، ولا من أترابه ، ولا من جلسائه ، ولا كانت بينهم صداقة متقدّمة [ ولا أنس وكيد ]؟! ...
وكيف ترك أبو بكر عتبة بن ربيعة ، وشيبة بن ربيعة ، لم يدخلهما في الإسلام برفقه وحسن دعائه ، وقد زعمتم أنّهما كانا يجلسان إليه لعلمه وطريف حديثه (٢)؟!
وما باله لم يدخل جبير بن مطعم في الإسلام ، وقد ذكرتم أنّه أدّبه وخرّجه ، ومنه أخذ جبير العلم بأنساب قريش ومآثرها (٣)؟!
فكيف عجز عن هؤلاء الّذين عددناهم ، وهم منه بالحال التي وصفنا ، ودعا من لم يكن بينه وبينه أنس ولا معرفة إلّا معرفة عيان؟!
وكيف لم يقبل منه عمر بن الخطّاب ، وقد كان شكله (٤) ، وأقرب الناس شبها به في أغلب أخلاقه؟!
ولئن رجعتم إلى الإنصاف لتعلمن أنّ هؤلاء لم يكن إسلامهم إلّا بدعاء الرسول [ لهم ] وعلى يديه ».
وأمّا قوله : « ولا يقدم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم [ على أمر ] إلّا
__________________
(١) سورة الممتحنة ٦٠ : ١٠.
(٢) انظر : العثمانية : ٢٥.
(٣) انظر : العثمانية : ٢٥ ، عمدة التحقيق : ٢٨ ، تاريخ الخلفاء ـ للسيوطي ـ : ٥١.
(٤) الشكل : الشّبه والمثل ؛ انظر : لسان العرب ٧ / ١٧٦ مادّة « شكل ».