ما ذكره عليّ بن برهان الدين الحلبي في « السيرة الحلبية » ، وأحمد زيني ـ المشهور ب « دحلان » ـ في « السيرة النبويّة » ، حيث ذكرا أنّ السبب في إسلام طلحة وعبد الرحمن إخبار الرهبان لهما بنبوّة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ غاية الأمر ، أنّهما أخبرا أبا بكر بقصّة الرهبان قبل إسلامهما ، ثمّ أسلما على يد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (١).
كما أنّ إسلام هؤلاء لم يكن في أوّل يوم.
ولو كان أبو بكر بهذه المنزلة من لطف الدعوة بحيث أسلم بسببه هؤلاء الجماعة في أوّل إسلامه ، لظهر له الأثر الكثير الكبير بعد ذلك بحيث تسلم مكّة عامّتها في أقلّ من مدّة سنة ، وما رأيناهم نقلوا إسلام أحد بسببه غير هؤلاء الّذين سمّاهم مع عبد الرحمن بن عوف!
وقد كشف عن كذب هذه الدعوى أبو جعفر الإسكافي ، في ردّه على رسالة الجاحظ ، كما حكاه ابن أبي الحديد (٢) عنه ، قال :
« ما أعجب هذا القول ؛ إذ تدّعي العثمانية لأبي بكر الرفتي في الدعاء وحسن الاحتجاج ، وقد أسلم ومعه ابنه عبد الرحمن فما قدر أن يدخله في الإسلام طوعا برفقه ولطف احتجاجه ، ولا كرها بقطع النفقة عنه وإدخال المكروه عليه ، ولا كان له عند ابنه عبد الرحمن من القدر ما يطيعه في ما يأمره به » ..
إلى أن قال : « وكان أبو قحافة فقيرا مدقعا سيّئ الحال ، وأبو بكر عندهم مثريا فائض المال ، فلم يمكنه استمالته إلى الإسلام بالنفقة والإحسان ، وقد كانت امرأة أبي بكر أمّ عبد الله ابنه ... لم تسلم ، وأقامت
__________________
(١) السيرة الحلبية ١ / ٤٤٦ و ٤٤٨ ، السيرة النبوية ـ لدحلان ـ ١٨٨ و ١٨٩.
(٢) ص ٢٧٢ ج ٣ [ ١٣ / ٢٦٩ ـ ٢٧١ ]. منه قدسسره.