فأمّا المهاجرون : فعليّ ، وطلحة ، والزبير ـ إلى أن قال : ـ وأمّا باقي المسلمين ففرّوا ورسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يدعوهم في أخراهم (١) ، حتّى انتهى منهم إلى قريب من المهراس (٢) ».
وروى القوشجي في « شرح التجريد » ما يدلّ على فرار طلحة وسعد ـ عند ذكر نصير الدين رحمهالله لغزاة أحد ـ ، قال : « جمع له ـ أي : لعليّ ـ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بين اللواء والراية ، وكانت راية المشركين مع طلحة بن أبي طلحة ـ وكان يسمّى كبش الكتيبة ـ فقتله عليّ.
فأخذ الراية غيره فقتله عليّ ، ولم يزل يقتل واحدا بعد واحد ، حتّى قتل تسعة نفر ؛ فانهزم المشركون واشتغل المسلمون بالغنائم.
فحمل خالد بن الوليد بأصحابه على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فضربوه بالسيوف والرماح والحجر حتّى غشي عليه ، فانهزم الناس عنه سوى عليّ.
فنظر إليه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد إفاقته وقال له : اكفني هؤلاء ؛ فهزمهم عليّ عنه ، وكان أكثر المقتولين منه » (٣).
__________________
(١) إشارة إلى قوله تعالى : ( إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ ... ) سورة آل عمران ٣ : ١٥٣.
(٢) المهراس : موضع ماء بأحد ؛ وقال سديف بن إسماعيل بن ميمون ، مولى بني هاشم ، في قصيدته المشهورة حين قدم على أبي العبّاس السفّاح :
واذكروا مصرع
الحسين وزيد |
|
وقتيلا بجانب
المهراس |
وقد عنى به حمزة بن عبد المطّلب عليهالسلام.
انظر مادّة « هرس » في : لسان العرب ١٥ / ٧٥ ، تاج العروس ٩ / ٣٨ ؛ وانظر كذلك : تاريخ اليعقوبي ٢ / ٢٩٤ ، الكامل في التاريخ ٥ / ٧٧ ، تاريخ ابن خلدون ٣ / ١٦٢.
(٣) شرح تجريد الاعتقاد : ٤٨٦ ، وانظر : تجريد الاعتقاد : ٢٦٠.