وبهذا جاءت أخبارنا ، لكن مع ذكرها لثبات أبي دجانة (١).
ولو سلّم أنّ طلحة وسعدا ثبتا ، فلا نعرف لهما بلاء يذكر.
ودعوى أنّ طلحة أصابه شلل وقاية لوجه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم محلّ نظر ، ولذا نسبه الشعبي إلى الزعم.
فقد حكى في « كنز العمّال » (٢) ، في كتاب الغزوات ، عن ابن أبي شيبة ، عن الشعبي ، قال : « أصيب يوم أحد أنف النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ورباعيّته ، وزعم أنّ طلحة وقى رسول الله بيده ، فضرب فشلّت يده (٣) ».
ولعلّ الشلل كان حينما فرّ!!
على أنّ عمدة المستند في ثباتهما وبلائهما هو نفسهما ، وهما محلّ التهمة ، لا سيّما مع العلم بكذبهما في بعض ما ادّعياه!
روى البخاري في غزاة أحد ، وفي مناقب المهاجرين ، عن أبي عثمان ، قال : « لم يبق مع النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في بعض تلك الأيّام التي قاتل فيهنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم غير طلحة وسعد ، عن حديثهما » (٤).
إذ لا ريب ـ على تقدير ثباتهما في أحد ـ قد ثبت معهما غيرهما
__________________
(١) انظر مثلا : الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد ١ / ٨١ ـ ٨٦ ، إعلام الورى ١ / ٣٧٧ ـ ٣٧٨.
(٢) ص ٢٧٧ من الجزء الخامس [ ١٠ / ٤٣٨ ح ٣٠٠٦١ ]. منه قدسسره.
وانظر : مصنّف ابن أبي شيبة ٨ / ٤٩٠ ح ٣٤.
(٣) في المصدر : « أصبعه » ، وفي « المصنّف » : « أصابعه ».
والأصبع : واحدة الأصابع ، تذكّر وتؤنّث ، وفيه لغات ؛ انظر : لسان العرب ٧ / ٢٧٩ مادّة « صبع ».
(٤) صحيح البخاري ٥ / ٩٤ ح ٢١٦ وص ٢١٩ ح ١٠١.