كما لا يعتبر ـ أيضا ـ طعنهم في أبي مريم عبد الغفّار بن القاسم ، راوي حديث ابن جرير والبغوي ، على ما ذكره ابن تيميّة (١) ؛ لأنّه ـ كما في « ميزان الاعتدال » ـ من الشيعة ، ولا سيّما قد شهد بحقّه الذهبيّ أنّه كان ذا اعتناء بالعلم وبالرجال (٢).
وأمّا ما نسبه الفضل إلى ابن الجوزي ، فلا يبعد أنّه من كذباته ، وإلّا لنسبه إليه في « كنز العمّال » بالنسبة إلى بعض الأحاديث التي نقلناها عنه ، فإنّ عادته أن يروي عن كتاب « الموضوعات » (٣).
وأيضا لم يذكره السيوطي في « اللآلئ المصنوعة » المأخوذة من كتاب « الموضوعات ».
ولو صحّت النسبة إلى ابن الجوزي ، فلا عبرة بكلامه ؛ لأنّه أيضا
__________________
(١) منهاج السنّة ٧ / ٣٠٢.
(٢) ميزان الاعتدال ٤ / ٣٧٩ ـ ٣٨٠ رقم ٥١٥٢.
نقول : إنّ أبا مريم عبد الغفّار بن القاسم ليس بمجمع على تركه ، بل هو مختلف فيه ، ونقلوا عن غير واحد مدحه وتوثيقه ..
قال الحافظ ابن حجر : « قال أبو حاتم : ليس بمتروك ، وكان من رؤساء الشيعة ، وكان شعبة حسن الرأي فيه.
وقال شعبة : لم أر أحفظ منه ».
انظر : تعجيل المنفعة : ٣٩٧ رقم ٦٦٥.
وقال ابن عديّ : « سمعت أحمد بن محمّد بن سعيد ـ يعني : ابن عقدة ـ يثني على أبي مريم ويطريه ، وتجاوز الحدّ في مدحه حتّى قال : لو انتشر علم أبي مريم وخرّج حديثه لم يحتج الناس إلى شعبة ... ولعبد الغفّار بن القاسم أحاديث صالحة ... ويكتب حديثه مع ضعفه ».
انظر : الكامل في ضعفاء الرجال ٥ / ٣٢٧ ـ ٣٢٨ رقم ١٤٧٩.
وراجع : تشييد المراجعات وتفنيد المكابرات ٣ / ١٨٧ ـ ١٨٨.
(٣) راجع الصفحة ٢٤ من هذا الجزء.