ولو سلّم ، فما زعمهم أهل المعرفة إنّما هم الخصوم والنواصب أمثاله ، الّذين يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم وأن يتّبع الحقّ أهواءهم!
وأمّا دلالة الحديث على إمامة أمير المؤمنين عليهالسلام فمن أظهر الأمور ؛ لأنّ أحبّ الناس إلى الله تعالى إنّما هو أفضلهم وأتقاهم وأعملهم بطاعته ، فلا بدّ أن يكون أحقّهم بالإمامة ، لا سيّما من أبي بكر وعمر ؛ إذ مع دخولهما بعموم الناس صرّح حديث النسائي باسمهما بالخصوص كما سمعت (١).
وأشكل في « المواقف » وشرحها على الحديث : « بأنّه لا يفيد أنّه أحبّ إليه في كلّ شيء ؛ لصحّة التقسيم ، وإدخال لفظ الكلّ والبعض ؛ ألا ترى أنّه يصحّ أن يستفسر ويقال : أحبّ إليه في كلّ الأشياء أو في بعض الأشياء؟ ... فلا يدلّ على الأفضليّة مطلقا » (٢).
والجواب : إنّ الإطلاق مع عدم القرينة على الخصوص يفيد العموم في مثل المقام ، ألا ترى أنّ كلمة الشهادة تدلّ على التوحيد؟! وبمقتضى ما ذكراه ينبغي أن لا تدلّ عليه ؛ لإمكان الاستفسار بأنّه لا إله إلّا هو في كلّ شيء ، أو في السماء ، أو في الأرض؟ إلى غير ذلك ؛ فلا تفيد نفي الشريك مطلقا ؛ وهذا لا يقوله عارف.
والعجب منهما أن يقولا ذلك ، وهما يستدلّان على فضل أبي بكر بقوله تعالى : ( وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى ) (٣) ، زاعمين أنّ المراد بالأتقى : أبو
__________________
(١) تقدّم آنفا في الصفحة ١٦٢ ؛ فراجع!
(٢) انظر : المواقف : ٤٠٩ ، شرح المواقف ٨ / ٣٦٧ ـ ٣٦٨.
(٣) سورة الليل ٩٢ : ١٧.